من قبل قال وإن تولوها عليا تجدوه هاديا مهديا " الا انه ليس الخبر كالعيان ولا القول كالفعل ولا الوعد كالإنجاز وحالا عنه وتنكرا له ووقعا فيه وعاباه وغمصاه (1) وتطلبا له العلل والتأويلات وتنقما عليه الاستبداد وترك المشاورة وانتقلا من ذلك إلى الوقيعة فيه بمساواة الناس في قسمة المال وأثنيا على عمر وحمدا سيرته وصوبا رأيه وقالا انه كان يفضل أهل السوابق وضللا عليا عليه السلام فيما رآه وقالا انه أخطأ وانه خالف سيرة عمر وهي السيرة المحمودة التي لم تفضحها النبوة مع قرب عهدنا منها واتصالها بها واستنجدا عليه بالرؤساء من المسلمين كان عمر يفضلهم وينفلهم (2) في القسم على غيرهم والناس أبناء الدنيا ويحبون المال حبا جما - فتنكرت على أمير المؤمنين عليه السلام بتنكرهما قلوب كثيرة ونغلت (3) عليه نيات كانت من قبل سليمه ولقد كان عمر موفقا حيث منع قريشا والمهاجرين وذوي السوابق من الخروج من المدينة ونهاهم عن مخالطة الناس ونهى الناس عن مخالطتهم ورأي أن ذلك أس الفساد في الأرض وأن الفتوح والغنائم قد أبطرت المسلمين ومتى بعد الرؤوس والكبراء منهم عن دار الهجرة وانفردوا بأنفسهم وخالطهم الناس في البلاد البعيدة لم يأمن أن يحسنوا لهم الوثوب وطلب الامرة ومفارقة الجماعة وحل نظام الألفة ولكنه رضي الله عنه نقض هذا الرأي السديد بما فعله بعد طعن أبى لؤلؤة له من أمر الشورى فان ذلك كان سبب كل فتنة وقعت وتقع إلى أن تنقضي الدنيا وقد قدمنا ذكر ذلك وشرحنا ما أدى إليه أمر الشورى من الفساد بما حصل في نفس كل من الستة من ترشيحه للخلافة.
(١١)