الشرح:
هذا الكلام فسره كل طائفة على حسب اعتقادها، فالشيعة الامامية، تزعم أن المراد به المهدى المنتظر عندهم، والصوفية يزعمون أنه يعنى به ولى الله في الأرض، وعندهم أن الدنيا لا تخلو عن الابدال، وهم أربعون، وعن الأوتاد، وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد، فإذا مات القطب صار أحد السبعة قطبا عوضه، وصار أحد الأربعين وتدا، عوض الوتد، وصار بعض الأولياء الذين يصطفيهم الله تعالى أبدالا عوض ذلك البدل.
وأصحابنا يزعمون أن الله تعالى لا يخلى الأمة من جماعة من المؤمنين العلماء بالعدل والتوحيد، وأن الاجماع إنما يكون حجة باعتبار أقوال أولئك العلماء لكنه لما تعذرت معرفتهم بأعيانهم، اعتبر إجماع سائر العلماء، وإنما الأصل قول أولئك.
قالوا: وكلام أمير المؤمنين عليه السلام ليس يشير فيه إلى جماعة أولئك العلماء من حيث هم جماعة، ولكنه يصف حال كل واحد منهم، فيقول: من صفته كذا، ومن صفته كذا.
والفلاسفة يزعمون أن مراده عليه السلام بهذا الكلام العارف، ولهم في العرفان وصفات أربابه كلام يعرفه من له أنس بأقوالهم، وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله في آخر الوقت، إذا خلقه الله تعالى، وإن لم يكن الان موجودا، فليس في الكلام ما يدل على وجوده الان، وقد وقع اتفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا عليه.
قوله عليه السلام: (قد لبس للحكمة جنتها)، الجنة: ما يستتر به من السلاح كالدرع ونحوها، ولبس جنة الحكمة قمع النفس عن المشتهيات، وقطع علائق النفس عن