المحسوسات، فإن ذلك مانع للنفس عن أن يصيبها سهام الهوى، كما تمنع الدرع الدارع عن أن يصيبه سهام الرماية.
ثم عاد إلى صفة هذا الشخص، فقال: (وأخذ بجميع أدبها من الاقبال عليها)، أي شدة الحرص والهمة.
ثم قال: (والمعرفة بها)، أي والمعرفة بشرفها ونفاستها.
ثم قال: (والتفرغ لها)، لان الذهن متى وجهته نحو معلومين تخبط وفسد، وإنما يدرك الحكمة بتخلية السر من كل ما مر سواها.
قال: (فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها)، هذا مثل قوله عليه السلام: (الحكمة ضالة المؤمن)، ومن كلام الحكماء: لا يمنعك من الانتفاع بالحكمة حقارة من وجدتها عنده، كما لا يمنعك خبث تراب المعدن من التقاط الذهب.
ووجدت بخط أبى محمد عبد الله بن أحمد الخشاب رحمه الله في تعاليق مسودة أبياتا للعطوي، وهي:
قد رأينا الغزال والغصن والنجمين شمس الضحى وبدر التمام فوحق البيان يعضده البرهان * في مأقط شديد الخصام (1) ما رأينا سوى المليحة شيئا * جمع الحسن كله في نظام هي تجرى مجرى الأصالة في الرأي * ومجرى الأرواح في الأجسام.
وقد كتب ابن الخشاب بخطه تحت (المليحة): ما أصدقه إن أراد بالمليحة الحكمة!
قوله عليه السلام: (وحاجته التي يسأل عنها)، هو مثل قوله: (ضالته التي يطلبها.
ثم قال: (هو مغترب إذا اغترب الاسلام)، يقول هذا الشخص يخفى نفسه ويحملها