تركت خراسان! فقال: ما تهنأت بالعيش إلا هاهنا، أفر بديني من شاهق إلى شاهق، فمن رآني قال: موسوس أو حمال.
: وقيل للحسن: يا أبا سعيد، هاهنا رجل لم نره قط جالسا إلا وحده خلف سارية، فقال الحسن: إذا رأيتموه فأخبروني، فنظروا إليه ذات يوم، فقالوا للحسن، وأشاروا إليه، فمضى نحوه، وقال له: يا عبد الله، لقد حببت إليك العزلة، فما يمنعك من مجالسة الناس؟
قال: أمر شغلني عنهم، قال: فما يمنعك أن تأتى هذا الرجل الذي يقال له الحسن:
فتجلس إليه؟ قال: أمر شغلني عن الناس وعن الحسن، قال: وما ذلك الشغل يرحمك الله؟
قال: إني أمسى وأصبح بين نعمة وذنب: فأشغل نفسي بشكر الله على نعمة، والاستغفار من الذنب، فقال الحسن: أنت أفقه عندي يا عبد الله من الحسن، فالزم ما أنت عليه.
وجاء هرم بن حيان إلى أويس، فقال له: ما حاجتك؟ قال: جئت لآنس بك، قال: ما كنت أعرف أحدا يعرف ربه فيأنس بغيره!.
وقال الفضيل: إذا رأيت الليل مقبلا فرحت به، وقلت: أخلو بربي، وإذا رأيت الصبح أدركني، استرجعت كراهية لقاء الناس، وأن يجئ إلى من يشغلني عن ربى.
وقال مالك بن دينار: من لم يأنس بمحادثة الله عن محادثة المخلوقين، فقد قل علمه، وعمى قلبه، وضاع عمره.
وقال بعض الصالحين: بينا أنا أسير في بعض بلاد الشام، إذا أنا بعابد خارج من بعض تلك الجبال، فلما نظر إلي تنحى إلى أصل شجرة، وتستر بها: فقلت: سبحان الله!
أتبخل علي بالنظر إليك؟ فقال: يا هذا، إني أقمت في هذا الجبل دهرا طويلا، أعالج قلبي في الصبر عن الدنيا وأهلها، فطال في ذلك تعبي، وفنى عمري، ثم سألت الله تعالى