ثم ذكر أنه لا يرى التقوى نافعة إلا مع حبس اللسان، قال: فإن لسان المؤمن وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه، وشرح ذلك وبينه.
فإن قلت: المسموع المعروف: (لسان العاقل من وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه)، كيف نقله إلى المؤمن والمنافق؟.
قلت: لأنه قل أن يكون المنافق إلا أحمق، وقل أن يكون العاقل إلا مؤمنا فلأكثرية ذلك، استعمل لفظ (المؤمن)، وأراد العاقل، ولفظ (المنافق) وأراد الأحمق.
ثم روى الخبر المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله وهو مشهور.
ثم أمرهم بالاجتهاد في أن يلقوا الله تعالى وكل منهم نقى الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: (إنما المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فسلامتهم من لسانه سلامة أعراضهم، وسلامتهم من يده سلامة دمائهم وأموالهم، وانتصاب (تهزيع) على التحذير، وحقيقته تقدير فعل، وصورته:
جنبوا أنفسكم تهزيع الأخلاق، ف (إياكم) قائم مقام أنفسكم، والواو عوض عن الفعل المقدر، وأكثر ما يجئ بالواو، وقد جاء بغير واو في قول الشاعر:
إياك إياك المراء فإنه * إلى الشر دعاء وللشر جالب وكان يقال: ينبغي للعاقل أن يتمسك بست خصال، فإنها من المروءة: أن يحفظ دينه ويصون عرضه، ويصل رحمه، ويحمى جاره، ويرعى حقوق إخوانه، ويخزن عن البذاء (1) لسانه.
وفى الخبر المرفوع: (من كفى شر قبقبه وذبذبه، ولقلقه، دخل الجنة).