الأصل:
ثم إياكم وتهزيع الأخلاق تصريفها، واجعلوا اللسان واحدا، وليخزن الرجل لسانه، فإن هذا اللسان جموح بصاحبه، والله ما أرى عبدا يتقى تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه، وإن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لان المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدرى ماذا له، وماذا عليه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه: ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه.
فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه، وهو نقى الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم، فليفعل.
الشرح:
تهزيع الأخلاق: تغييرها، وأصل الهزع: الكسر، أسد مهزع: يكسر الأعناق ويرض العظام، ولما كان المتصرف بخلقه، الناقل له من حال قد أعدم سمته الأولى كما يعدم الكاسر صورة المكسور، اشتركا في مسمى شامل لهما، فاستعمل التهزيع في الخلق للتغيير والتبديل مجازا.
قوله: (واجعلوا اللسان واحدا)، نهى عن النفاق واستعمال الوجهين.
قال: (وليخزن الرجل لسانه)، أي ليحبسه، فإن اللسان يجمح بصاحبه فيلقيه في الهلكة.