ليس يريد بكشف الحجب والرؤية ما يظنه الظاهريون من أنها الابصار العين، بل المعرفة التامة، وذلك لان المعارف النظرية يصح أن تصير ضرورية عند جمهور أصحابنا، فهذا أحد محملي الكلام.
وثانيهما: أن يريد بما لا يزول، نعيم الجنة، وهذا أدون المقامين، لان الخلص من العارفين يحبونه ويعشقونه سبحانه لذاته، لا خوفا من النار، ولا شوقا إلى الجنة، وقد قال بعضهم: لست أرضى لنفسي أن أكون كأجير السوء، إن دفعت إليه الأجرة رضى وفرح، وإن منعها سخط وحزن، إنما أحبه لذاته.
وقال بعض شعرائهم شعرا من جملته:
فهجره أعظم من ناره * ووصله أطيب من جنته.
وقد جاء في كلام أمير المؤمنين عليه السلام، من هذا الكثير، نحو قوله: (لم أعبده خوفا ولا طمعا، لكني وجدته أهلا للعبادة فعبدته.
قوله عليه السلام: (يمزج الحلم بالعلم)، أي لا يحلم إلا عن علم بفضل الحلم ليس كما يحلم الجاهلون.
قوله: (والقول بالعمل)، أي لا يقتصر على القول، ومثل هذا قول الأحوص:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم * مذق اللسان يقول مالا يفعل.
قوله عليه السلام (تراه قريبا أمله)، أي ليست نفسه متعلقة بما عظم من آمال الدنيا، وإنما قصارى أمره أن يؤمل القوت والملبس. قليلا زلله: أي خطؤه.
قوله: (منزورا أكله)، أي قليلا، ويحمد من الانسان الاكل النزر، قال أعشى باهله: