وقال النبي صلى الله عليه وآله، حكاية عن الله تعالى (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).
ودخل صلى الله عليه وآله على رجل من أصحابه، وهو يجود بنفسه، فقال: كيف تجدك؟ قال: أجدني أخاف ذنوبي، وأرجو رحمة ربى. فقال صلى الله عليه وآله:
(ما اجتمعا في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما رجاه، وأمنه مما خافه).
قوله عليه السلام: (إن استصعبت عليه نفسه)، أي صارت صعبة غير منقادة، يقول:
إذا لم تطاوعه نفسه إلى ما هي كارهة له لم يعطها مرادها فيما تحبه.
قوله عليه السلام: (قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى)، يقال للفرح المسرور:
إنه لقرير العين، وقرت عينه تقر، والمراد بردها، لان دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة.
وهذا الكلام يحتمل أمرين:
أحدهما أن يعنى بما لا يزول البارئ سبحانه، وهذا مقام شريف جدا أعظم من سائر المقامات، وهو حب العارف لله سبحانه، وقد أنكره قوم فقالوا: لا معنى لمحبة البارئ إلا المواظبة على طاعته، ونحوه قول أصحابنا المتكلمين: إن محبة الله تعالى للعبد هي إرادته لثوابه، ومحبة العبد للبارئ هي إرادته لطاعته، فليست المحبة عندهم شيئا زائدا على الإرادة، ولا يجوز أن تتعلق بذات الله سبحانه، لان الإرادة لا تتعلق إلا بالحدوث، وخالفهم شيخنا أبو الحسن، فقال: إن الإرادة يمكن أن تتعلق بالباقي، ذكر ذلك في الكلام في الأكوان في أول التصفح، فأما إثبات الحب في الجملة فقد نطق به القرآن قال سبحانه: (يحبهم