الشرح:
هذه الألفاظ التي أولها: (قوة في دين)، بعضها يتعلق حرف الجر فيه بالظاهر، فيكون موضعه نصبا بالمفعولية، وبعضها يتعلق بمحذوف، فيكون موضعه نصبا أيضا على الصفة، ونحن نفصلها.
فقوله: (قوة في دين) حرف الجر هاهنا متعلق بالظاهر، وهو (قوة)، تقول:
فلان قوى في كذا وعلى كذا، كما تقول: مررت بكذا، وبلغت إلى كذا.
و (حزما في لين)، هاهنا لا يتعلق حرف الجر بالظاهر، لأنه لا معنى له، ألا ترى أنك لا تقول: فلان حازم في اللين، لان اللين ليس أمرا يحزم الانسان فيه، وليس كما تقول: فلان حازم في رأيه أو في تدبيره! فوجب أن يكون حرف الجر متعلقا بمحذوف، تقديره: وحزما كائنا في لين.
وكذلك قوله: (وإيمانا في يقين)، حرف الجر متعلق بمحذوف: أي كائنا في يقين: أي مع يقين.
فإن قلت: الايمان هو اليقين فكيف، قال: (وإيمانا في يقين)؟ قلت: الايمان هو الاعتقاد مضافا إلى العمل، واليقين هو سكون القلب فقط، فأحدهما غير الاخر.
قوله: (وحرصا في علم)، حرف الجر هاهنا يتعلق بالظاهر، و (في) بمعنى (على) كقوله تعالى: ﴿ولأصلبنكم في جذوع النخل﴾ (1).
قوله: (وقصدا في غنى) حرف الجر متعلق بمحذوف: أي هو مقتصد مع كونه غنيا، وليس يجوز أن يكون متعلقا بالظاهر، لأنه لا معنى لقولك: اقتصد في الغنى، إنما يقال: اقتصد في النفقة، وذلك الاقتصاد موصوف بأنه مقارن للغنى ومجامع له.