يعفو عمن ظلمه، ويعطى من حرمه، ويصل من قطعه، بعيدا فحشه، لينا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شره.
في الزلازل وقور، وفى المكاره صبور، وفى الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب.
يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرمن الحق.
إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغى عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له.
نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه.
بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
أما والله لقد كنت أخافها عليه.
ثم قال:
هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها!
فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين!
فقال عليه السلام:
ويحك، إن لكل أجل وقتا لا يعدوه، وسببا لا يتجاوزه، فمهلا لا تعد لمثلها، فإنما نفث الشيطان على لسانك!