مروان يصرفه كيف شاء، فالخلافة له في المعنى، ولعثمان في الاسم، فلما انتقض على عثمان أمره، استصرخ عليا ولاذ به، وألقى زمام أمره إليه، فدافع عنه حيث لا ينفع الدفاع، وذب عنه حين لا يغنى الذب، فقد كان الامر فسد فسادا لا يرجى صلاحه.
قال جعفر: فقلت له: أتقول إن عليا وجد من خلافة عثمان أعظم مما وجده من خلافة أبى بكر وعمر؟ فقال: كيف يكون ذلك، وهو فرع لهما، ولولا هما لم يصل إلى الخلافة، ولا كان عثمان ممن يطمع فيها من قبل، ولا يخطر له ببال، ولكن هاهنا أمر يقتضى في عثمان زيادة المنافسة، وهو اجتماعهما في النسب، وكونهما من بنى عبد مناف، والانسان ينافس ابن عمه الأدنى أكثر من منافسة الأبعد، ويهون عليه من الأبعد مالا يهون عليه من الأقرب.
قال جعفر: فقلت له: أفتقول: لو أن عثمان خلع ولم يقتل، أكان الامر يستقيم لعلى عليه السلام إذا بويع بعد خلعه؟ فقال: لا، وكيف يتوهم ذلك بل يكون انتقاض الأمور عليه وعثمان حي مخلوع أكثر من انتفاضها عليه بعد قتله، لأنه موجود يرجى ويتوقع عوده، فإن كان محبوسا عظم البلاء والخطب، وهتف الناس باسمه في كل يوم، بل في كل ساعة، وإن كان مخلى سربه، وممكنا من نفسه، وغير محول بينه وبين اختياره، لجأ إلى بعض الأطراف، وذكر أنه مظلوم غصبت خلافته، وقهر على خلع نفسه، فكان اجتماع الناس عليه أعظم، والفتنة به أشد وأغلظ.
قال جعفر: فقلت له: فما تقول في هذا الاختلاف الواقع في أمر الإمامة من مبدأ الحال، وما الذي تظنه أصله ومنبعه؟ فقال: لا أعلم لهذا أصلا إلا أمرين: أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله أهمل أمر الإمامة فلم يصرح فيه بأحد بعينه، وإنما كان هناك رمز وإيماء، وكناية وتعريض، لو أراد صاحبه أن يحتج به وقت الاختلاف وحال المنازعة