أديبا، وقد اشتغل بالرياضيات من الفلسفة، ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه - قال جعفر: سألت عما عنده في أمر على وعثمان، فقال: هذه عداوة قديمة النسب بين عبد شمس وبين بني هاشم، وقد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم، وكان أبو سفيان يحسد محمدا صلى الله عليه وآله وحاربه، ولم تزل الثنتان متباغضتين وإن جمعتهما المنافية. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله زوج عليا بابنته، وزوج عثمان بابنته الأخرى، وكان اختصاص رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة أكثر من اختصاصه للبنت الأخرى، وللثانية التي تزوجها عثمان بعد وفاة الأولى، واختصاصه أيضا لعلى وزيادة قربه منه وامتزاجه به واستخلاصه إياه لنفسه، أكثر وأعظم من اختصاصه لعثمان. فنفس عثمان ذلك عليه، فتباعد ما بين قلبيهما وزاد في التباعد ما عساه يكون بين الأختين من مباغضة أو مشاجرة أو كلام ينقل من إحداهما إلى الأخرى، فيتكدر قلبها على أختها، ويكون ذلك التكدير سببا لتكدير ما بين البعلين أيضا، كما نشاهده في عصرنا وفى غيره من الاعصار، وقد قيل: ما قطع من الأخوين كالزوجين. ثم اتفق أن عليا عليه السلام قتل جماعة كثيرة من بنى عبد شمس في حروب رسول الله صلى الله عليه وآله، فتأكد الشنآن، وإذا استوحش الانسان من صاحبه استوحش صاحبه منه. ثم مات رسول الله صلى الله عليه وآله، فصبا إلى علي جماعة يسيرة لم يكن عثمان منهم، ولا حضر في دار فاطمة مع من حضر من المخلفين عن البيعة، وكانت في نفس علي عليه السام أمور من الخلافة لم يمكنه إظهارها في أيام أبى بكر وعمر، لقوة عمر وشدته، وانبساط يده ولسانه، فلما قتل عمر وجعل الامر شورى بين الستة، وعدل عبد الرحمن بها عن علي إلى عثمان، لم يملك على نفسه، فأظهر ما كان كامنا، وأبدى ما كان مستورا، ولم يزل الامر يتزايد بينهما، حتى شرف وتفاقم، ومع ذلك فلم يكن علي عليه السلام لينكر من أره إلا منكرا، ولا ينهاه إلا كما تقتضي الشريعة نهيه عنه، وكان عثمان مستضعفا في نفسه، رخوا قليل الحزم، واهي العقدة، وسلم عنانه إلى
(٢٥)