من قريش، فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد، فيكثروا فيها الفساد، فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك، ويدعيه كل واحد منهم لنفسه، كيف لم يخف من جعلهم ستة متساوين في الشورى، مرشحين للخلافة! وهل شئ أقرب إلى الفساد من هذا! وقد روى أن الرشيد رأى يوما محمدا وعبد الله ابنيه يلعبان ويضحكان، فسر بذلك، فلما غابا عن عينه بكى، فقال له الفضل بن الربيع: ما يبكيك يا أمير المؤمنين، وهذا مقام جذل لا مقام حزن؟ فقال: أما رأيت لعبهما ومودة بينهما؟ أما والله ليتبدلن ذلك بغضا وشنفا (1)، وليختلسن كل واحد منهما نفس صاحبه عن قريب، فإن الملك عقيم، وكان الرشيد قد عقد الامر لهما على ترتيب، هذا بعد هذا، فكيف من لم يرتبوا في الخلافة، بل جعلوا فيها كأسنان المشط!
فقلت أنا لجعفر: هذا كله تحكيه عن محمد بن سليمان، فما تقول أنت؟ فقال:
إذا قالت حذام فصدقوها * فإن القول ما قالت حذام (2)