خصف النعل، ومنزلة هارون من موسى، ومن كنت مولاه، وهذا يعسوب الدين، ولا فتى إلا على، وأحب خلقك إليك، وما جرى هذا المجرى، مما لا يفصل الامر، ويقطع العذر ويسكت الخصم، ويفحم المنازع، وثبت الأنصار فادعتها، ووثب بنو هاشم فادعوها، وقال أبو بكر: بايعوا عمر أو أبا عبيدة، وقال العباس لعلى: امدد يدك لأبايعك، وقال قوم ممن رعف به الدهر فيما بعد، ولم يكن موجودا حينئذ: إن الامر كان للعباس لأنه العم الوارث، وإن أبا بكر وعمر غصباه حقه، فهذا أحدهما.
وأما السبب الثاني للاختلاف، فهو جعل عمر الامر شورى في الستة، ولم ينص على واحد بعينه، إما منهم أو من غيرهم، فبقي في نفس كل واحد منهم أنه قد رشح للخلافة وأهل للملك والسلطنة فلم يزل ذلك في نفوسهم وأذهانهم مصورا بين أعينهم، مرتسما في خيالاتهم، منازعة إليه نفوسهم، طامحة نحوه عيونهم، حتى كان من الشقاق بين على وعثمان ما كان، وحتى أفضى الامر إلى قتل عثمان.
وكان أعظم الأسباب في قتله طلحة، وكان لا يشك أن الامر له من بعده لوجوه: منها سابقته، ومنها أنه ابن عم لأبي بكر، وكان لأبي بكر في نفوس أهل ذلك العصر منزلة عظيمة، أعظم منها الان. ومنها أنه كان سمحا جوادا، وقد كان نازع عمر في حياة أبى بكر، وأحب أن يفوض أبو بكر الامر إليه من بعده، فما زال يفتل في الذروة والغارب في أمر عثمان، وينكر له القلوب، و يكدر عليه النفوس، ويغري أهل المدينة والاعراب وأهل الأمصار به. وساعده الزبير، وكان أيضا يرجو الامر لنفسه، ولم يكن رجاؤهما الامر بدون رجاء على، بل رجاؤهما كان أقوى لان عليا دحضه الأولان، وأسقطاه، وكسر ناموسه بين الناس، فصار نسيا منسيا، ومات الأكثر ممن يعرف خصائصه التي كانت في أيام النبوة وفضله، ونشأ قوم لا يعرفونه ولا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين، ولم يبق له مما يمت به إلا أنه ابن عم الرسول، وزوج ابنته، وأبو سبطيه، ونسي ما وراء ذلك كله، واتفق له من بغض