الطب والحيل أم لا؟ كأنه مثلا استدل على أنه يصيب هذا الانسان حرارة يحم منها، فينبغي أن يحكم بأنه يحم إن لم يتلاف تلك الحرارة بالتبريد، فإنه إذا فعل ذلك أنزل الأمور منازلها، وأجراها مجاريها.
ثم إن كان الحادث قويا لا يمكن دفعه ببعض ما ذكرنا، فليس يلزم الحاجة إلى ما قلنا، فإن الامر يحدث لا محالة، وما قوى وشمل الناس، فإنه لا يمكن دفعه ولا فسخه، وإن أمكن فإنما يمكن في بعض الناس دون بعض.
وأما أكثرهم فإنه يجرى أمره على ما قد شمل وعم، فقد يعم الناس حر الصيف، وإن كان بعضهم يحتال في صرفه بالأشياء التي تبرد وتنفى الحر.
فهذه جملة ما ينبغي أن يعلم ويعمل عليه أمور هذه الصناعة.
* * * قلت: هذا اعتراف بأن جميع الاحداث المتعلقة باختيار الانسان وغيره من الحيوان لا مدخل لعلم أحكام النجوم فيه، فعلى هذا لا يصح قول من يقول منهم لزيد مثلا:
إنك تتزوج أو تشترى فرسا، أو تقتل عدوا أو تسافر إلى بلد ونحو ذلك، وهو أكثر ما يقولونه ويحكمون به.
وأما الأمور الكلية الحادثة لا بإرادة الحيوان واختياره، فقد يكون لكلامهم فيه وجه من الطريق التي ذكرها، وهي تعلق كثير من الاحداث بحركة الشمس والقمر، إلا أن المعلوم ضرورة من دين رسول الله صلى الله عليه وآله إبطال حكم النجوم وتحريم الاعتقاد بها والنهى والزجر عن تصديق المنجمين، وهذا معنى قول أمير المؤمنين في هذا الفصل: (فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة بالله). ثم أردف