فأما ما يعم فهو من قصور طبيعة الناس في معرفة الصنائع أيا كانت عن بلوغ الغاية فيها، حتى لا يبقى وراءها غاية أخرى، فكثرة الخطأ وقلته على حسب تقصير واحد فيها، حتى لا يبقى وراءها غاية أخرى، فكثرة الخطأ وقلته على حسب تقصير واحد واحد من الناس.
وأما ما يخص هذه الصناعة فهو كثير ما يحتاج صاحبها إلى معرفته، مما لا يمكنه أن يعلم كثيرا منه إلا بالحدس والتخمين، فضلا عن لطف الاستنباط وحسن القياس ومما يحتاج إلى معرفة علم أحوال الفلك، ومما يحدث في كل واحد من تلك الأحوال، فإن كل واحد منها له فعل خاص، ثم يؤلف تلك الأحوال بعضها مع بعض على كثرة فنونها واختلافاتها، ليحصل من جميع ذلك قوة واحدة، وفعل واحد يكون عنه الحادث في هذا العالم، وذلك أمر عسير، فمتى أغفل من ذلك شئ كان الخطأ الواقع بحسب الشئ الذي سها عنه وترك استعماله.
ثم من بعد تحصيل ما وصفناه ينبغي أن يعلم الحال التي عليها يوافي في تلك القوة الواحدة الأشياء التي تعرض فيها تلك الاحداث، كأنه مثلا إذا دل ما في الفلك على حدوث حر، وكانت الأشياء التي يعرض فيها ما يعرض قد مر بها قبل ذلك حر، فحميت وسخنت أثر ذلك فيها أثرا قويا، فإن كان قد مر بها برد قبل ذلك، أثر ذلك فيها أثرا ضعيفا، وهذا شئ يحتاج إليه في جميع الاحداث التي تعمل في غيرها مما يناسب هذه المعرفة.
وأما الاحداث التي تخص ناحية ناحية، أو قوما قوما، أو جنسا جنسا، أو مولودا واحدا من الناس فيحتاج مع معرفتها إلى أن يعلم أيضا أحوال البلاد والعادات، والأغذية والأوباء وسائر ما يشبه ذلك مما له فيه أثر وشركة، مثل ما يفعل الطبيب في المعالجة، وفى تقدمة المعرفة، ثم من بعد تحصيل هذه الأشياء كلها ينبغي أن ينظر في الامر الذي قد استدل على حدوثه، هل هو مما يمكن أن يرد أو يتلافى بما يبطله أو بغيره من جهة