فقام إليه مالك بن كعب الأرحبي، فقال: يا أمير المؤمنين، اندب الناس معي، فإنه لا عطر بعد عروس (1)، وإن الاجر لا يأتي إلا بالكره. ثم التفت إلى الناس وقال: اتقوا الله، وأجيبوا دعوة إمامكم، وانصروا دعوته، وقاتلوا عدوكم، إنا نسير إليهم يا أمير المؤمنين.
فأمر على سعدا مولاه أن ينادى: ألا سيروا مع مالك بن كعب إلى مصر، وكان وجها مكروها فلم يجتمعوا إليه شهرا، فلما اجتمع له منهم ما اجتمع خرج بهم مالك ابن كعب، فعسكر بظاهر الكوفة، وخرج معه على، فنظر فإذا جميع من خرج نحو من ألفين، فقال على: سيروا، والله ما أنتم! ما إخالكم تدركون القوم حتى ينقضي أمرهم.
فخرج مالك بهم وسار خمس ليال، وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري على على، وقدم عليه عبد الرحمن بن المسيب الفزاري من الشام، فأما الفزاري، فكان عينا لعلى عليه السلام، لا ينام، وأما الأنصاري فكان مع محمد بن أبي بكر، فحدثه الأنصاري بما عاين وشاهد، وأخبره بهلاك محمد، وأخبره الفزاري أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشرى من قبل عمرو بن العاص، يتبع بعضها بعضا بفتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، وحتى أذن معاوية بقتله على المنبر وقال: يا أمير المؤمنين، ما رأيت يوما قط سرورا مثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد بن أبي بكر، فقال على: أما إن حزننا على قتله، على قدر سرورهم به، لا بل يزيد أضعافا.
قال: فسرح على عبد الرحمن بن شريح إلى مالك بن كعب، فرده (2) من الطريق.
قال: وحزن على على محمد بن أبي بكر حتى رئي ذلك فيه، وتبين في وجهه، وقام في الناس خطيبا، فحمد الله. وأثنى عليه، ثم قال: ألا وإن مصر قد افتتحها الفجرة