قال إبراهيم: وخرج علي عليه السلام إلى الجمل، وقيس على مصر، ورجع من البصرة إلى الكوفة، وهو بمكانه، فكان أثقل خلق الله على معاوية لقرب مصر وأعمالها من الشام، ومخافة أن يقبل على بأهل العراق، ويقبل إليه قيس بأهل مصر، فيقع بينهما.
فكتب معاوية إلى قيس وعلى يومئذ بالكوفة قبل أن يسير إلى صفين:
من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان في أثرة رأيتموها، أو ضربة سوط ضربها، أوفى شتمه رجلا أو تعييره واحدا، أو في استعماله الفتيان من أهله فإنكم قد علمتم إن كنتم تعلمون أن دمه لم يحل لكم بذلك، فقد ركبتم عظيما من الامر، وجئتم شيئا إدا، فتب يا قيس إلى ربك، إن كنت من المجلبين على عثمان إن كانت التوبة قبل الموت تغنى شيئا وأما صاحبك فقد استيقنا أنه أغرى الناس بقتله، وحملهم على قتله حتى قتلوه، وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك، فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، وتابعنا على على في أمرنا. هذا ولك سلطان العراقين إن أنا ظفرت ما بقيت، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان، وسلني عن غير هذا مما تحب، فإنك لا تسألني شيئا إلا أتيته، واكتب إلى رأيك فيما كتبت إليك.
فلما جاء إليه كتاب معاوية أحب أن يدافعه، ولا يبدي له أمره، ولا يعجل له حربه، فكتب إليه:
أما بعد، فقد وصل إلى كتابك وفهمت الذي ذكرت من أمر عثمان، وذلك أمر لم أقاربه. وذكرت أن صاحبي هو الذي أغرى الناس بعثمان ودسهم إليه حتى قتلوه، وهذا أمر لم أطلع عليه. وذكرت لي أن عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان، فلعمري إن أولى