وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أميرا، فوازروه وأعينوه على الحق، وقد أمرته بالاحسان إلى محسنكم، والشدة على مريبكم، والرفق بعوامكم وخواصكم، وهو ممن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصحه. نسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا، وثوابا جزيلا ورحمة واسعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتبه عبد الله بن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين.
قال إبراهيم: فلما فرغ من قراءة الكتاب، قام قيس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
الحمد لله الذي جاء بالحق، وأمات الباطل، وكبت الظالمين. أيها الناس، إنا بايعنا خير من نعلم من بعد نبينا محمد صلى الله عليه وآله، فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله، فإن نحن لم نعمل بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم.
فقام الناس فبايعوا، واستقامت مصر وأعمالها لقيس، وبعث عليها عماله، إلا أن قرية منها قد أعظم أهلها قتل عثمان، وبها رجل من بنى كنانة يقال له يزيد بن الحارث، فبعث إلى قيس: أنا لا نأتيك فابعث عمالك، فالأرض أرضك ولكن أقرنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس.
ووثب محمد بن مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري فنعى عثمان، ودعا إلى الطلب بدمه، فأرسل إليه قيس: ويحك! أعلى تثب! والله ما أحب أن لي ملك الشام ومصر وأنى قتلتك! فاحقن دمك. فأرسل إليه مسلمة: إني كاف عنك ما دمت أنت والى مصر.
وكان قيس بن سعد ذا رأى وحزم، فبعث إلى الذين اعتزلوا: إني لا أكرهكم على البيعة، ولكني أدعكم وأكف عنكم، فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد، وجبى لخراج، وليس أحد ينازعه.
* * *