أحببت أن يصحبك حتى تأتى مصر ومعك جند، فإن ذلك أرعب لعدوك، وأعز لوليك.
فإذا أنت قدمتها إن شاء الله، فأحسن إلى المحسن، واشتد (1) على المريب، وارفق بالعامة والخاصة فالرفق يمن.
فقال قيس: رحمك الله يا أمير المؤمنين قد فهمت ما ذكرت، فأما الجند فإني أدعه لك، فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك، وإن أردت بعثهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة، ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي، وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك.
قال: فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر، فصعد المنبر، وأمر بكتاب معه يقرأ على الناس، فيه:
من عبد الله على أمير المؤمنين إلى من بلغة كتابي هذا من المسلمين. سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره، اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به أنبياءه إلى عباده، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم به من الفضل، أن بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم، فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيلا يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا، فلما قضى من ذلك ما علية، قبضه الله إليه، فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين فعملا بالكتاب والسنة، وأحييا السيرة، ولم يعدوا السنة.
ثم توفيا رحمهما الله، فولى بعدهما وال أحدث أحداثا، فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا، ثم نقموا فغيروا ثم جاؤوني فبايعوني، وأنا أستهدي الله الهدى، وأستعينه على التقوى.
ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله والقيام بحقه، والنصح لكم بالغيب، والله المستعان على ما تصفون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.