الشرح:
يجوز نقمة ونقمة، مثل كلمة وكلمة، ولبنة ولبنة، ومعنى الكلام أنه مع كونه واسع الرحمة في نفس الامر، وأنه أرحم الراحمين، فإنه شديد النقمة على أعدائه، ومع كونه عظيم النقمة في نفس الامر وكونه شديد العقاب فإنه واسع الرحمة لأوليائه. وعازه، أي غالبه، وعزه أي غلبه، ومنه ﴿وعزني في الخطاب﴾ (1)، وفى المثل (من عز بز) أي من غلب سلب. والمدمر: المهلك، دمره ودمر عليه بمعنى، أي أهلكه. وشاقه: عاداه، قيل إن أصله من الشق وهو النصف، لان المعادي يأخذ في شق والمعادي في شق يقابله. وناواه، أي عاداه، واللفظة مهموزة، وإنما لينها لأجل القرينة السجعية، وأصلها ناوأت الرجل مناوأة ونواء، ويقال في المثل: (إذا ناوأت الرجل فاصبر).
قوله: (زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا) من الكلام الفصيح النادر اللطيف، يقول:
اعتبروا أعمالكم وأنتم مختارون قادرون على استدراك الفارط، قبل أن يكون هذا الاعتبار فعل غيركم وأنتم لا تقتدرون على استدراك الفارط، ومثله قوله: (وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا).
ثم قال: (وتنفسوا قبل ضيق الخناق)، أي انتهزوا الفرصة، واعملوا قبل أن يفوتكم الامر، ويجد بكم الرحيل ويقع الندم، قال الشاعر:
اختم وطينك رطب إن قدرت فكم * قد أمكن الختم أقواما فما ختموا.
ثم قال: (وانقادوا قبل عنف السياق)، هو العنف بالضم، وهو ضد الرفق، يقال عنف عليه وعنف به أيضا، والعنيف: الذي لا رفق له بركوب الخيل، والجمع عنف.
واعتنفت الامر، أي أخذته بعنف، يقول: انقادوا أنتم من أنفسكم قبل أن تقادوا وتساقوا