كما آذن قوله سبحانه: ﴿وما تسقط من ورقة إلا يعلمها﴾ (1) بذلك. ويمكن أن يعنى به حركاتهم وتصرفاتهم.
وروى: (وعدد أنفاسهم) على الإضافة.
وخافية الأعين: ما يومى به مسارقة وخفية. ومستقرهم، أي في الأرحام. ومستودعهم، أي في الأصلاب، وقد فسر ذلك فتكون (من) متعلقة بمستودعهم ومستقرهم على إرادة تكررها، ويمكن أن يقال: أراد مستقرهم ومأواهم على ظهر الأرض ومستودعهم في بطنها بعد الموت، وتكون (من) هاهنا بمعنى (مذ) أي مذ زمان كونهم في الأرحام والظهور إلى أن تتناهى بهم الغايات، أي إلى أن يحشروا في القيامة، وعلى التأويل الأول يكون تناهى الغايات بهم عبارة عن كونهم أحياء في الدنيا.
* * * الأصل:
هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته، قاهر من عازه، ومدمر من شاقه، ومذل من ناواه، وغالب من عاداه، من توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه، ومن شكره جزاه.
عباد الله، زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا، وتنفسوا قبل ضيق الخناق، وانقادوا قبل عنف السياق، واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ.
* * *