الطريق الثاني: أنه عد مشايخهم واحدا فواحدا، حتى انتهى إلى علماء الكوفة من أصحاب على، كسلمة بن كهيل، وحبة العرني، وسالم بن الجعد، والفضل بن دكين، وشعبة، والأعمش، وعلقمة، وهبيرة بن مريم، وأبي إسحاق الشعبي، وغيرهم، ثم قال:
وهؤلاء أخذوا العلم من علي بن أبي طالب عليه السلام، فهو رئيس الجماعة - يعنى أصحابه، وأقوالهم منقولة عنه ومأخوذة منه.
وأما الخوارج فانتماؤهم إليه ظاهر أيضا، مع طعنهم فيه، لأنهم كانوا أصحابه، وعنه مرقوا، بعد أن تعلموا عنه واقتبسوا منه، وهم شيعته وأنصاره بالجمل وصفين، ولكن الشيطان ران على قلوبهم، وأعمى بصائرهم.
ثم إنه عليه السلام ذكر حال هذا العارف العادل فقال: (أول عدله نفى الهوى عن نفسه) وذلك لان من يأمر ولا يأتمر، وينهى، ولا ينتهى، لا تؤثر عظته، ولا ينفع إرشاده. ثم شرح ذلك فقال: (يصف الحق ويعمل به)، ثم قال: (لا يدع للخير غاية إلا أمها، ولا مظنة إلا قصدها) وذلك لان الخير لذته وسروره وراحته، فمتى وجد إليه طريقا سلكها، ثم قال: (قد أمكن الكتاب - يعنى القرآن - من زمامه)، أي قد أطاع الأوامر الإلهية، فالقرآن قائده وإمامه، يحل حيث حل، وينزل حيث نزل.
* * * الأصل:
وآخر قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من جهال، وأضاليل من ضلال، ونصب للناس أشراكا من حبائل غرور وقول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، وعطف الحق على أهوائه، يؤمن الناس من العظائم، ويهون كبير الجرائم، يقول:
أقف عند الشبهات - وفيها وقع، ويقول: أعتزل البدع - وبينها اضطجع، فالصورة