وخامسها: أن يقرب على نفسه البعيد، وذلك بأن يمثل الموت بين عينيه صباحا ومساء، وألا يطيل الامل.
وسادسها: أن يهون عليه الشدائد، وذلك باحتمال كلف المجاهدة ورياضة النفس على عمل المشاق.
وسابعها: أن يكون قد نظر فأبصر، وذلك بترتيب المقدمات المطابقة لمتعلقاتها ترتيبا صحيحا، لتنتج العلم اليقيني.
وثامنها: أن يذكر الله تعالى فيستكثر من ذكره، لان ذكره سبحانه والاكثار منه، يقتضى سكون النفس وطمأنينتها، كما قال تعالى: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ (1).
وتاسعها: أن يرتوي من حب الله تعالى، وهو العذب الفرات، الذي سهل موارده على من انتخبه الله، وجعله أهلا للوصول إليه، فشرب منه ونهل، وسلك طريقا لا عثار فيه ولا وعث.
وعاشرها: أن يخلع سرابيل الشهوات، لان الشهوات تصدئ مرآة العقل، فلا تنطبع المعقولات فيها كما ينبغي، وكذلك الغضب.
وحادي عشرها: أن يتخلى من الهموم كلها، لأنها تزيدات وقواطع عن المطلوب، إلا هما واحدا وهو همه بمولاه، الذي لذته وسروره الاهتمام به، والتفرد بمناجاته ومطالعة أنوار عزته، فحينئذ يخرج عن صفة أهل العمى، ومن مشاركة أهل الهوى، لأنه قد امتاز عنهم بهذه المرتبة والخاصية التي حصلت له فصار مفتاحا لباب الهدى، ومغلاقا لباب الضلال والردى، قد أبصر طريق الهدى وسلك سبيله وعرف مناره وقطع غماره.