وقوله: (يؤمن الناس من العظائم)، فيه تأكيد لمذهب أصحابنا في الوعيد، وتضعيف لمذهب المرجئة، الذين يؤمنون الناس من عظائم الذنوب، ويمنونهم العفو، مع الاصرار وترك التوبة، وجاء في الخبر المرفوع المشهور: (الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله).
وقوله: (يقول أقف عند الشبهات)، يعنى أن هذا المدعى للعلم يقول لنفسه وللناس:
أنا واقف عند أدنى شبهة تحرجا وتورعا، كما قال صلى الله عليه وآله: (دع ما يريبك إلى مالا يريبك).
ثم قال: (وفى الشبهات وقع)، أي بجهله، لان من لا يعلم الشبهة ما هي، كيف يقف عندها، ويتخرج من الورطة فيها، وهو لا يأمن من كونها غير شبهة على الحقيقة!
وقوله: (اعتزل البدع، وبينها اضطجع)، إشارة إلى تضعيف مذاهب العامة والحشوية الذين رفضوا النظر العقلي، وقالوا: نعتزل البدع.
وقوله: (فالصورة صورة إنسان..) وما بعده، فمراد بالحيوان هاهنا الحيوان الأخرس كالحمار والثور، وليس يريد العموم، لان الانسان داخل في الحيوان، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿إن هم إلا كالا نعام بل هم أضل سبيلا﴾ (1).
وقال الشاعر:
وكائن ترى من صامت لك معجب * زيادته أو نقصه في التكلم (2) لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * فلم يبق إلا صورة اللحم والدم.