بدت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذيه فقولا لعمرو ثم بسر ألا انظرا * لنفسكما، لا تلقيا الليث ثانيه ولا تحمدا إلا الحيا خصاكما * هما كانتا والله للنفس واقيه ولولاهما لم تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها إلى العود ناهيه متى تلقيا الخيل المغيرة صبحة * وفيها على فاتركا الخيل ناحية وكونا بعيدا حيث لا يبلغ القنا * نحوركما إن التجارب كافيه.
* * * وروى الواقدي قال: قال معاوية يوما بعد استقرار الخلافة له لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله، لا أراك إلا ويغلبني الضحك. قال: بماذا؟ قال: أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين، فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه، وكشفت سوأتك له: فقال عمرو: أنا منك أشد ضحكا، إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك، وربا لسانك في فمك، وغصصت بريقك، وارتعدت فرائصك، وبدا منك ما أكره ذكره لك: فقال معاوية: لم يكن هذا كله، وكيف يكون ودوني عك والأشعريون! قال: إنك لتعلم أن الذي وصفت دون ما أصابك، وقد نزل ذلك بك ودونك عك والأشعريون، فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقط (1) الحرب؟ فقال: يا أبا عبد الله، خض بنا الهزل إلى الجد، إن الجبن والفرار من على لا عار على أحد فيهما.
* * *