وإلى هذا المعنى أشار عمرو بقوله لابنه: تركت أفضل من ذلك، شهادة أن لا إله إلا الله.
* * * فأما ما كان يقوله عمرو بن العاص في علي عليه السلام لأهل الشام: (إن فيه دعابة)، يروم أن يعيبه بذلك عندهم، فأصل ذلك كلمة قالها عمر فتلقفها، حتى جعلها أعداؤه عيبا له وطعنا عليه.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في كتاب الأمالي:
كان عبد الله بن عباس عند عمر، فتنفس عمر نفسا عاليا، قال ابن عباس: حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت، فقلت له: ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد.
قال: أي والله يا بن عباس، إني فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الامر بعدي. ثم قال:
لعلك ترى صاحبك لها أهلا؟ قلت: وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه!
قال: صدقت، ولكنه امرؤ فيه دعابة، قلت: فأين أنت من طلحة؟ قال: هو ذو لبأو (1) بإصبعه المقطوعة. قلت: فعبد الرحمن؟ قال: رجل ضعيف لو صار الامر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته. قلت: فالزبير؟ قال شكس لقس (2)، ويلاطم في البقيع في صاع من بر. قلت: فسعد بن أبي وقاص؟ صاحب مقنب (3) وسلاح، قلت: فعثمان، قال:
أوه أوه، مرارا. ثم قال: والله لئن وليها ليحملن بنى أبى معيط على رقاب الناس، ثم لتنهضن إليه العرب فتقبله. ثم قال: يا بن عباس، إنه لا يصلح لهذا الامر إلا حصيف العقدة، قليل الغرة، لا تأخذه في الله لومة لائم. يكون شديدا من غير عنف، لينا من