وكتب إليه عمر يسأله عن البحر، فكتب إليه: خلق عظيم يركبه خلق ضعيف.
دود على عود، بين غرق ونزق.
وقال لعثمان وهو يخطب على المنبر: يا عثمان، إنك قد ركبت بهذه الأمة نهاية من الامر، وزغت فزاغوا، فاعتدل أو اعتزل.
ومن كلامه: استوحش من الكريم الجائع، ومن اللئيم الشبعان، فإن الكريم يصول إذا جاع، واللئيم يصول إذا شبع.
وقال: جمع العجز إلى التواني فنتج بينهما الندامة، وجمع الجبن إلى الكسل فنتج بينهما الحرمان.
* * * وروى عبد الله بن عباس، قال: دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فقلت:
يا أبا عبد الله، كنت تقول: أشتهي أنى أرى عاقلا يموت حتى أسأله كيف تجد. قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرق إبرة، ثم قال:
برئ فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله، فجعل يرددها حتى فاض.
وقد روى أبو عمر بن عبد البر هذا الخبر في كتاب الاستيعاب، قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة، اللهم أمرتني فلم أئتمر، وزجرتني فلم أنزجر. ووضع يده في موضع الغل، ثم قال: اللهم لا قوي فأنتصر، ولا بري فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت. فلم يزل يرددها حتى مات.
قال أبو عمر: وحدثني خلف بن قاسم، قال: حدثني بن الحسن بن رشيق، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا المزني، قال: سمعت الشافعي يقول: دخل ابن عباس على عمرو ابن العاص في مرضه، فسلم عليه، فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلا، وأسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي