قالت (1): فعدد عليه أمور الاسلام كلها، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأصنام والأوثان عن عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث. فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.
فقال النجاشي: فهل معك مما جاء به صاحبكم عن الله شئ؟ فقال جعفر: نعم.
فقال أقرأه على فقرا عليه صدرا من (كهيعص) فبكى حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا لحاهم (2). ثم قال النجاشي: والله إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، والله لا أسلمكم إليهم.
قالت أم سلمة: فلما خرج القوم من عنده، قال عمرو بن العاص (3: والله لأعيبهم غدا عنده بما يستأصل به خضراءهم 3)، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين:
لا تفعل، فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفوا. قال: والله لأخبرنه غدا انهم يقولون في عيسى بن مريم: إنه عبد ثم غدا عليه من الغد، فقال: أيها الملك، إن هؤلاء يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه: فأرسل إليهم.
قالت أم سلمة: فما نزل بنا مثلها. واجتمع المسلمون وقال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه والله ما قال عز وجل، وما جاء به نبينا عليه السلام، كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر: نقول إنه عبد الله