يتحرك، فقال له الحريش: ارتحل عن هذا المنزل، فارتحل، فعبر دجيلا وصار إلى عاقول (1) لا يؤتى إلا من جهة واحدة، فأقام به، وأقام الناس ثلاثا مستريحين.
وفي يقوم سولاف يقول ابن قيس الرقيات:
ألا طرقت من آل مية طارقه * على أنها معشوقة الدل عاشقه (2) تراءت وأرض السوس بيني وبينها * ورستاق سولاف حمته الأزارقة إذا نحن شئنا صادفتنا عصابة * حرورية فيها من الموت بارقه أجازت علينا العسكرين كليهما (3) * فباتت لنا دون اللحاف معانقه فأقام المهلب في ذلك العاقول ثلاثة أيام ثم ارتحل، والخوارج بسلى وسلبرى فنزل قريبا منهم، فقال ابن الماحوز لأصحابه: ما تنتظرون بعدوكم وقد هزمتموهم بالأمس، وكسرتم حدهم! فقال له واقد مولى أبى صفرة: يا أمير المؤمنين، إنما تفرق عنهم أهل الضعف والجبن، وبقى أهل النجدة والقوة، فإن أصبتهم لم يكن ظفرا (4) هينا، لأني أراهم لا يصابون حتى يصيبوا، وإن غلبوا ذهب الدين. فقال أصحابه:
نافق واقد، فقال ابن الماحوز: لا تعجلوا على أخيكم، فإنه إنما قال هذا نظرا لكم.
ثم وجه الزبير بن علي إلى عسكر المهلب، لينظر ما حالهم، فأتاهم في مائتين فحزرهم ورجع. وأمر المهلب أصحابه بالتحارس، حتى إذا أصبح ركب إليهم في تعبئة، فالتقوا بسلى وسلبرى، فتصافوا، فخرج من الخوارج مائة فارس، فركزوا رماحهم بين الصفين، واتكأوا عليها، وأخرج إليهم المهلب أعدادهم، ففعلوا مثل ما فعلوا، لا يرعون إلا الصلاة، حتى إذا أمسوا رجع كل قوم إلى معسكرهم، ففعلوا هكذا ثلاثة أيام.