شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٤٠
فإن خير الزاد التقوى، والسلام على من اتبع الهدى (1).
فلما أظهر نافع مقالته هذه، وانفرد عن الخوارج بها، أقام في أصحابه بالأهواز يستعرض الناس، ويقتل الأطفال، ويأخذ الأموال، ويجبي الخراج، وفشا عماله بالسواد، فارتاع لذلك أهل البصرة، واجتمع منهم عشرة آلاف إلى الأحنف، وسألوه أن يؤمر عليهم أميرا يحميهم من الخوارج، ويجاهد بهم، فأتى عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وهو المسمى ببة، فسأله أن يؤمر عليهم - وببة يومئذ أمير البصرة من قبل ابن الزبير - فأمر عليهم مسلم بن عبيس بن كريز، وكان دينا شجاعا، فلما خرج بهم من جسر البصرة، أقبل عليهم، وقال: أيها الناس، إني ما خرجت لامتيار (2) ذهب ولا فضة، وإني لأحارب قوما إن ظفرت بهم فما وراءهم إلا السيوف والرماح، فمن كان شأنه الجهاد، فلينهض، ومن أحب الحياة فليرجع.
فرجع نفر يسير، ومضى الباقون معه، فلما صاروا بدولاب (3) خرج إليهم نافع وأصحابه، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى تكسرت الرماح: وعقرت الخيل: وكثر الجراح والقتل، وتضاربوا بالسيوف والعمد (4)، فقتل ابن عبيس أمير أهل البصرة، وقتل نافع بن الأزرق أمير الخوارج: وادعى قتله سلامة الباهلي، وكان نافع قد استخلف عبيد الله ابن بشير بن الماحوز السليطي اليربوعي، واستخلف ابن عبيس الربيع بن عمرو الأجذم الغداني اليربوعي، فكان الرئيسان من بنى يربوع، فاقتتلوا بعد قتل ابن عبيس ونافع قتالا شديدا نيفا وعشرين يوما، حتى قال الربيع لأصحابه: إني رأيت البارحة كأن يدي

(1) الكامل 615 (طبع أوروبا).
(2) امتيار: مصدر أمتار لأهله، أي جلب لهم الميرة، والميرة: الطعام.
(3) دولاب: قرية بينها وبين الأهواز أربعة فراسخ.
(4) العمد، بفتحتين، أو بضمتين جمعان للعمود.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232