شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٥٥
قربوس (1) السرج، وحمل من تحتها، فبراها بسيفه، وأثر في أصحابها، فتحوميت الميمنة من أجله، وكان أشد ما تكون الحرب استعارا أشد ما يكون تبسما. وكان المهلب يقول: ما شهد معي حربا قط إلا رأيت البشرى في وجهه!
وقال رجل من الخوارج في هذا اليوم:
فإن تك قتلى يوم سلى تتابعت * فكم غادرت أسيافنا من قماقم! (2) غداة نكر المشرقية فيهم * بسولاف يوم المأزق المتلاحم (3) فكتب المهلب إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة القباع (4):
أما بعد، فإنا لقينا الأزارقة المارقة بحد وجد، فكانت في الناس جولة، ثم ثاب أهل الحفاظ والصبر بنيات صادقة، وأبدان شداد، وسيوف حداد، فأعقب الله خير عاقبة، وجاوز بالنعمة مقدار الامل، فصاروا دريئة (5) رماحنا، وضرائب (6) سيوفنا، وقتل الله أميرهم ابن الماحوز، وأرجو أن يكون آخر هذه النعمة كأولها. والسلام.
فكتب إليه القباع:
قد قرأت كتابك يا أخا الأزد، فرأيتك قد وهب (7) لك شرف الدنيا وعزها، وذخر لك إن شاء الله ثواب الآخرة وأجرها، ورأيتك أوثق حصون المسلمين، وهاد

(1) قربوس السرج: مقدمه، ولكل سرج قربوسان مقدم ومؤخر.
(2) القماقم، بضم أوله: السيد الكثير الواسع الفضل، كالقمقام.
(3) المأزق: الموضع الضيق يقتتلون فيه، والمتلاحم، من قولهم: شجة متلاحمة، وهي التي تشق اللحم دون العظم ثم تتلاحم فلا يجوز فيها المسبار. والمشرفية: السيوف نسبت إلى المشارف من أرض الشام.
(4) في الكامل: (بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد...).
(5) الدريئة: حلقة يتعلم عليها الطعن.
(6) الضرائب: جمع ضريبة، وهو كل ما ضربت بسيفك (7) الكامل: (وهب الله لك... وذخر لك...).
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232