شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٤٨
فكتب إليه الحارث:
هنيئا لك أخا الأزد الشرف في الدنيا والاجر في الآخرة، إن شاء الله.
فقال المهلب لأصحابه: ما أجفى أهل الحجاز أما ترونه عرف (1) اسمي وكنيتي واسم أبى!
قالوا: وكان المهلب يبث الأحراس في الامن، كما يبثهم في الخوف، ويذكى (2) العيون في الأمصار كما يذكيها في الصحارى، ويأمر أصحابه بالتحرز، ويخوفهم البيات (3)، وإن بعد منه العدو، ويقول (4): احذروا أن تكادوا كما تكيدون، ولا تقولوا: هزمناهم وغلبناهم، والقوم خائفون وجلون، فإن الضرورة تفتح باب الحيلة.
ثم قام فيهم خطيبا، فقال: أيها الناس، قد عرفتم مذهب هؤلاء الخوارج، وأنهم إن قدروا عليكم فتنوكم في دينكم، وسفكوا دماءكم، فقاتلوهم على ما قاتلهم عليه أولكم علي بن أبي طالب، لقد لقيهم (5) الصابر المحتسب مسلم بن عبيس، والعجل المفرط عثمان بن عبيد الله، والمعصى المخالف حارثة بن بدر، فقتلوا جميعا وقتلوا، فالقوهم بحد وجد فإنما هم مهنتكم وعبيدكم، وعار عليكم ونقص في أحسابكم وأديانكم أن يغلبكم هؤلاء على فيئكم، ويطأوا حريمكم.
ثم سار يريدهم وهم بمناذر (6) الصغرى، فوجه عبيد الله بن بشير بن الماحوز رئيس الخوارج رجلا يقال له واقد، مولى لآل أبى صفرة من سبى الجاهلية، في خمسين رجلا، فيهم صالح بن مخراق إلى نهر تيرى، وبها المعارك بن أبي صفرة، فقتلوه وصلبوه، فنمى

(1) الكامل: (يعرف).
(2) العيون: الجواسيس، وإذكاؤها إرسالها.
(3) البيات: اسم من (بيت القوم واعد وتبييتا)، أوقع بهم ليلا وهم غارون.
(4) ج: (فإن بعد منه العدو يقول).
(5) الكامل: (لقيهم قبلكم)، وفي ب (لقيتم)، وما أثبته من ج (6) مناذر الصغرى، وكذلك مناذر الكبرى: كورتان من كور الأهواز
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232