فكتب إليه الحارث:
هنيئا لك أخا الأزد الشرف في الدنيا والاجر في الآخرة، إن شاء الله.
فقال المهلب لأصحابه: ما أجفى أهل الحجاز أما ترونه عرف (1) اسمي وكنيتي واسم أبى!
قالوا: وكان المهلب يبث الأحراس في الامن، كما يبثهم في الخوف، ويذكى (2) العيون في الأمصار كما يذكيها في الصحارى، ويأمر أصحابه بالتحرز، ويخوفهم البيات (3)، وإن بعد منه العدو، ويقول (4): احذروا أن تكادوا كما تكيدون، ولا تقولوا: هزمناهم وغلبناهم، والقوم خائفون وجلون، فإن الضرورة تفتح باب الحيلة.
ثم قام فيهم خطيبا، فقال: أيها الناس، قد عرفتم مذهب هؤلاء الخوارج، وأنهم إن قدروا عليكم فتنوكم في دينكم، وسفكوا دماءكم، فقاتلوهم على ما قاتلهم عليه أولكم علي بن أبي طالب، لقد لقيهم (5) الصابر المحتسب مسلم بن عبيس، والعجل المفرط عثمان بن عبيد الله، والمعصى المخالف حارثة بن بدر، فقتلوا جميعا وقتلوا، فالقوهم بحد وجد فإنما هم مهنتكم وعبيدكم، وعار عليكم ونقص في أحسابكم وأديانكم أن يغلبكم هؤلاء على فيئكم، ويطأوا حريمكم.
ثم سار يريدهم وهم بمناذر (6) الصغرى، فوجه عبيد الله بن بشير بن الماحوز رئيس الخوارج رجلا يقال له واقد، مولى لآل أبى صفرة من سبى الجاهلية، في خمسين رجلا، فيهم صالح بن مخراق إلى نهر تيرى، وبها المعارك بن أبي صفرة، فقتلوه وصلبوه، فنمى