شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
الخبر إلى المهلب، فوجه ابنه المغيرة، فدخل نهر تيرى، وقد خرج واقد منها، فاستنزل عمه فدفنه، وسكن الناس، واستخلف بها ورجع إلى أبيه، وقد نزل بسولاف (1) والخوارج بها، فواقعهم، وجعل على بنى تميم الحريش بن هلال، فخرج رجل من أصحاب المهلب، يقال له عبد الرحمن الإسكاف، فجعل يحض الناس ويهون أمر الخوارج، ويختال بين الصفين، فقال رجل من الخوارج لأصحابه: يا معشر المهاجرين، هل لكم في قتله فيها الجنة! فحمل جماعة منهم على الإسكاف فقاتلهم وحده فارسا، ثم كبا به فرسه، فقاتلهم راجلا قائما وباركا، ثم كثرت به الجراحات فذبب بسيفه، ثم جعل يحثو في وجوههم التراب، والمهلب غير حاضر، فقتل، ثم حضر المهلب فأعلم، فقال للحريش ولعطية العنبري: أسلمتما سيد أهل العراق (2)، لم تعيناه ولم تستنقذاه حسدا له، لأنه رجل من الموالي، ووبخهما.
وحمل رجل من الخوارج على رجل من أصحاب المهلب فقلته، فحمل عليه المهلب فطعنه فقتله، ومال الخوارج بأجمعهم على العسكر، فانهزم الناس، وقتل منهم سبعون رجلا، وثبت المهلب وابنه المغيرة يومئذ، وعرف مكانه.
ويقال: حاص (3) المهلب يومئذ حيصة. ويقول الأزد: بل كان يرد المنهزمة ويحمى أدبارهم، وبنو تميم تزعم أنه فر، وقال شاعرهم:
بسولاف أضعت دماء قومي * وطرت على مواشكة درور (4) وقال آخر من بنى تميم:
تبعنا الأعور الكذاب طوعا * يزجي كل أربعة حمارا (5)

(1) سولاف، بضم السين: قرية في غرب دجيل، قرب مناذر الكبرى.
(2) كذا في ا، ج، وفي ب والكامل: (سيد أهل العسكر).
(3) حاص حيصة: جال جولة.
(4) قال المبرد: مواشكة، يريد سريعة، ودرور، (فعول)، من در الشئ إذا تتابع.
(5) يزجي: يسوق.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232