الخبر إلى المهلب، فوجه ابنه المغيرة، فدخل نهر تيرى، وقد خرج واقد منها، فاستنزل عمه فدفنه، وسكن الناس، واستخلف بها ورجع إلى أبيه، وقد نزل بسولاف (1) والخوارج بها، فواقعهم، وجعل على بنى تميم الحريش بن هلال، فخرج رجل من أصحاب المهلب، يقال له عبد الرحمن الإسكاف، فجعل يحض الناس ويهون أمر الخوارج، ويختال بين الصفين، فقال رجل من الخوارج لأصحابه: يا معشر المهاجرين، هل لكم في قتله فيها الجنة! فحمل جماعة منهم على الإسكاف فقاتلهم وحده فارسا، ثم كبا به فرسه، فقاتلهم راجلا قائما وباركا، ثم كثرت به الجراحات فذبب بسيفه، ثم جعل يحثو في وجوههم التراب، والمهلب غير حاضر، فقتل، ثم حضر المهلب فأعلم، فقال للحريش ولعطية العنبري: أسلمتما سيد أهل العراق (2)، لم تعيناه ولم تستنقذاه حسدا له، لأنه رجل من الموالي، ووبخهما.
وحمل رجل من الخوارج على رجل من أصحاب المهلب فقلته، فحمل عليه المهلب فطعنه فقتله، ومال الخوارج بأجمعهم على العسكر، فانهزم الناس، وقتل منهم سبعون رجلا، وثبت المهلب وابنه المغيرة يومئذ، وعرف مكانه.
ويقال: حاص (3) المهلب يومئذ حيصة. ويقول الأزد: بل كان يرد المنهزمة ويحمى أدبارهم، وبنو تميم تزعم أنه فر، وقال شاعرهم:
بسولاف أضعت دماء قومي * وطرت على مواشكة درور (4) وقال آخر من بنى تميم:
تبعنا الأعور الكذاب طوعا * يزجي كل أربعة حمارا (5)