شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٥٢
ثم إن الخوارج تطاردوا لهم في اليوم الثالث، فحمل عليهم هؤلاء الفرسان، فجالوا ساعة، ثم إن رجلا من الخوارج حمل على رجل فطعنه، فحمل عليه المهلب فطعنه، فحمل الخوارج بأجمعهم، كما صنعوا يوم سولاف فضعضعوا الناس، وفقد المهلب وثبت المغيرة في جمع أكثرهم أهل عمان.
ثم نجم (1) المهلب في مائة، وقد انغمس كماه (2) في الدم، وعلى رأسه قلنسوة مربعة فوق المغفر محشوة قزا وقد تمزقت، وإن حشوها ليتطاير وهو يلهث، وذلك في وقت الظهر، فلم يزل يحاربهم حتى أتى الليل، وكثر القتلى في الفريقين، فلما كان الغد غاداهم، وقد كان وجه بالأمس رجلا من طاحية بن سود بن مالك بن فهم، من الأزد من ثقاته وأصحابه، يرد المنهزمين، فمر به عامر بن مسمع فرده، فقال: إن الأمير أذن لي في الانصراف، فبعث إلى المهلب، فأعلمه، فقال: دعه فلا حاجة لي في مثله من أهل الجبن والضعف. ثم غاداهم المهلب في ثلاثة آلاف، وقد تفرق عنه أكثر الناس، وقال لأصحابه: ما بكم من قلة! أيعجز أحدكم أن يلقى رمحه ثم يتقدم فيأخذه! ففعل ذلك رجل من كندة، و اتبعه قوم، ثم قال المهلب لأصحابه: أعدوا مخالي فيها حجارة، وارموا بها في وقت الغفلة، فإنها تصد الفارس، وتصرع الراجل، ففعلوا. ثم أمر مناديا ينادى في أصحابه، يأمرهم بالجد والصبر، ويطمعهم في العدو، ففعل ذلك حتى مر ببني العدوية، من بنى مالك بن حنظلة، فنادى فيهم فضربوه، فدعا المهلب بسيدهم - وهو معاوية بن عمرو - فجعل يركله (3) برجله، فقال: أصلح الله الأمير! اعفني من أم كيسان - والأزد تسمى الركبة أم كيسان - ثم حمل المهلب و حملوا، واقتتلوا قتالا شديدا، فجهد - الأزد تسمى الركبة أم كيسان - ثم حمل المهلب وحملوا، واقتتلوا قتالا شديدا، فجهد الخوارج، ونادى مناد منهم: ألا إن المهلب قد قتل.

(1) نجم: ظهر.
(2) الكامل: (كفاه).
(3) الركل: الضرب بالرجل خاصة.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232