شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٥٠
فيا ندمي على تركي عطائي * معاينة وأطلبه ضمارا (1) إذا الرحمن يسر لي قفولا * فحرق في قرى سولاف نارا قوله: (الأعور الكذاب)، يعنى به المهلب كانت عينه عارت بسهم أصابها، وسموه الكذاب، لأنه كان فقيها، وكان يتأول ما ورد في الأثر من أن كل كذب يكتب كذبا إلا ثلاثة: الكذب في الصلح بين رجلين، وكذب الرجل لامرأته بوعد، وكذب الرجل في الحرب بتوعد وتهدد (2). قالوا: وجاء عنه صلى الله عليه وآله: (إنما أنت رجل فخذل عنا ما استطعت). وقال: (إنما الحرب خدعة)، فكان المهلب ربما صنع الحديث ليشد به من أمر المسلمين ما ضعف، ويضعف به من أمر الخوارج ما اشتد، وكان حي من الأزد يقال لهم الندب، إذا رأو المهلب رائحا إليهم قالوا: راح ليكذب، وفيه يقول رجل منهم:
أنت الفتى كل الفتى * لو كنت تصدق ما تقول فبات المهلب في ألفين، فلما أصبح رجع بعض المنهزمة، فصاروا في أربعة آلاف، فخطب أصحابه، فقال: والله ما بكم من قلة، وما ذهب عنكم إلا أهل الجبن والضعف والطبع (3) والطمع، فإن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، فسيروا إلى عدوكم على بركة الله.
فقام إليه الحريش بن هلال، فقال: أنشدك الله أيها الأمير أن تقاتلهم، إلا أن يقاتلوك، فإن في أصحابك جراحا، وقد أثخنتهم هذه الجولة.
فقبل منه، ومضى المهلب في عشرة فأشرف على عسكر الخوارج، فلم ير منهم أحدا

(1) الضمار: الغائب الذي لا يرتجى.
(2) الكامل: (يتوعد ويتهدد).
(3) الطبع في الأصل: الصدأ يكثر على السيف وغيره، ثم استعير فيما يشبه ذلك من الأوزار والأنام
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232