فركب المهلب برذونا وردا (1)، وأقبل يركض بين الصفين، وإن إحدى يديه لفي القباء، وما يشعر لها، وهو يصيح: أنا المهلب! فسكن الناس بعد أن كانوا قد ارتاعوا وظنوا أن أميرهم قد قتل، وكل الناس مع العصر، فصاح المهلب بابنه المغيرة: تقدم، ففعل وصاح بذكوان مولاه: قدم رأيتك، ففعل، فقال له رجل من ولده: إنك تغرر بنفسك، فزبره وزجره، وصاح: يا بنى سلمة، آمركم فتعصونني! فتقدم وتقدم الناس فاجتلدوا أشد جلاد، حتى إذا كان مع المساء قتل ابن الماحوز، وانصرف الخوارج ولم يشعر المهلب بقتله، فقال لأصحابه: ابغوا لي رجلا جلدا يطوف في القتلى، فأشاروا عليه برجل من جرم، وقالوا: إنا لم نر قط رجلا أشد منه، فجعل يطوف ومعه النيران، فجعل إذا مر بجريح من الخوارج، قال: كافر ورب الكعبة! فأجهز عليه، وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله، وأقام المهلب يأمرهم بالاحتراس، حتى إذا كان في نصف الليل، وجه رجلا من اليحمد (2) في عشرة، فصاروا إلى عسكر الخوارج، فإذا هم قد تحملوا إلى أرجان، فرجع إلى المهلب فأعلمه، فقال لهم: أنا الساعة أشد خوفا، احذروا البيات.
ويروى عن شعبة بن الحجاج أن المهلب قال لأصحابه يوما: إن هؤلاء الخوارج قد يئسوا من ناحيتكم إلا من جهة البيات، فإن يكن ذلك فاجعلوا شعاركم: (حم لا ينصرون) فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر بها.
ويروى أنه كان شعار أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام.
فلما أصبح القوم غدوا على القتلى، فأصابوا ابن الماحوز قتيلا، ففي ذلك يقول رجل من الخوارج: