فأسرع الناس إليه رغبة في مجاهدة العدو وطمعا في الغنائم والتجارات، فكان فيمن أتاه محمد بن واسع الأزدي وعبد الله بن رباح ومعاوية بن قرة المزني، وكان يقول:
لو جاءت الديلم من هاهنا والحرورية من هاهنا لحاربت الحرورية، وجاءه أبو عمران الجوني. وكان يروى عن كعب أن قتيل (1) الحرورية يفضل قتيل (1) غيرهم بعشره أبواب.
ثم أتى المهلب إلى نهر تيرى، فتنحوا عنه إلى الأهواز، وأقام المهلب يجبى ما حواليه من الكور، وقد دس الجواسيس إلى عسكر الخوارج يأتونه بأخبارهم ومن في عسكرهم، وإذا حشوة (2)، ما بين قصاب وحداد وداعر (3). فخطب المهلب الناس، وذكر لهم ذلك، وقال:
أمثل هؤلاء يغلبونكم على فيئكم! ولم يزل مقيما حتى فهمهم، وأحكم أمرهم وقوى أصحابه، وكثرت الفرسان في عسكره، وتتام (4) أصحابه عشرين ألفا.
ثم مضى يؤم كور الأهواز، فاستخلف أخاه المعارك بن أبي صفرة على نهر تيرى، وجعل المغيرة على مقدمته، فسار حتى قاربهم، فناوشهم وناوشوه، فانكشف عن المغيرة بعض أصحابه، وثبت المغيرة نفسه بقية يومه وليلته يوقد النيران، ثم غاداهم فإذا القوم قد أوقدوا النيران في بقية متاعهم، وارتحلوا عن سوق الأهواز، فدخلها المغيرة، وقد جاءت أوائل خيل المهلب، فأقام بسوق الأهواز، وكتب بذلك إلى الحارث القباع كتابا يقول فيه:
أما بعد، فإنا مذ خرجنا نؤم العدو، في نعم من فضل الله متصلة علينا، ونقم متتابعة عليهم، نقدم ويحجمون، ونحل ويرتحلون، إلى أن حللنا سوق الأهواز، والحمد لله رب العالمين، الذي من عنده النصر، وهو العزيز الحكيم.