شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٧٢
فانظر من خلفك، فالتفت غير مكترث، وجعل (1) يخفق برأسه. قال: ودنوا منا، فقلت:
يا أمير المؤمنين، قد دنا القوم منك، فالتفت والله ثانية غير مكترث بهم، وجعل يخفق برأسه، وبعث الحجاج خيلا تركض تقول: دعوه يذهب في حرق الله، فتركوه وانصرفوا عنه (2).
ومضى شبيب بأصحابه، حتى قطعوا جسر المدائن، فدخلوا ديرا هناك، وخالد بن عتاب يقفوهم، فحصرهم في الدير، فخرج شبيب إليه فهزمه وأصحابه نحوا من فرسخين، حتى ألقى خالد نفسه في دجلة هو وأصحابه بخيولهم، فمر به شبيب، فرآه في دجلة، ولواؤه في يده، فقال: قاتله الله فارسا، وقاتل فرسه! فرس هذا أشد الناس قوة، وفرسه أقوى فرس في الأرض، وانصرف، فقيل له بعد انصرافه: إن الفارس الذي رأيت هو خالد بن عتاب بن ورقاء، فقال: معرق في الشجاعة! لو علمت لأقحمت خلفه، ولو دخل النار.
ثم دخل الحجاج الكوفة بعد هزيمة شبيب، فصعد المنبر، وقال: والله ما قوتل شبيب قط قبل اليوم، ولى هاربا، وترك امرأته يكسر في استها القصب.
ثم دعا حبيب بن عبد الرحمن فبعثه في أثره في ثلاثة آلاف من أهل الشام، وقال:
احذر بياته، وحيثما لقيته فنازله، فإن الله تعالى قد فل حده، وقصم نابه. فخرج حبيب في أثره، حتى نزل الأنبار، وبعث الحجاج إلى العمال: أن دسوا إلا أصحاب شبيب، من جاءنا منكم فهو آمن، فكان كل من ليست له بصيرة في دين الخوارج، ممن هزه (3) القتال. وكرهه ذلك اليوم يجئ فيؤمن. وقبل ذلك كان الحجاج نادى يوم هزم شبيب:
من جاءنا فهو آمن، فتفرق عن شبيب ناس كثير من أصحابه.

(1) الطبري: (ثم أكب يخفق برأسه).
(2) الطبري: (ورجعوا).
(3) الطبري: (هذه القتال).
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232