شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٧٣
وبلغ شبيبا منزل حبيب بن عبد الرحمن بالأنبار، فأقبل بأصحابه حتى دنا منه، فقال يزيد السكسكي (1): كنت مع أهل الشام بالأنبار ليلة جاءنا شبيب، فبيتنا، فلما أمسينا جمعنا حبيب بن عبد الرحمن، فجعلنا أرباعا، وجعل على كل ربع أميرا، وقال لنا:
ليحم (2) كل ربع منكم جانبه، فإن قتل هذا الربع فلا يعنهم الربع الاخر، فإنه بلغني أن الخوارج منكم قريب، فوطنوا أنفسكم على أنكم مبيتون فمقاتلون، قال: فما زلنا على تعبيتنا حتى جاءنا شبيب تلك الليلة فبيتنا، فشد على (3 ربع منا فصابرهم طويلا، فما زالت قدم إنسان منهم. ثم تركهم وأقبل إلى ربع آخر، فقاتلهم طويلا فلم يظفر بشئ، ثم طاف بنا يحمل علينا ربعا ربعا، حتى ذهب ثلاثة أرباع الليل 3) ولصق بنا 4) حتى قلنا: لا يفارقنا، ثم ترجل فنازلنا راجلا نزالا طويلا هو وأصحابه، فسقطت والله بيننا وبينهم الأيدي والأرجل، وفقئت الأعين، وكثرت القتلى، فقتلنا منهم نحو ثلاثين، وقتلوا منا نحو مائة، وأيم الله لو كانوا أكثر من مائتي رجل لأهلكونا، ثم فارقونا وقد مللناهم وملونا، وكرهناهم وكرهونا، ولقد رأيت الرجل منا يضرب الرجل منهم بالسيف فما يضره من الإعياء والضعف، ولقد رأيت الرجل منا يقاتل جالسا ينفخ بسيفه ما يستطيع أن يقوم من الإعياء والبهر. حتى ركب شبيب، وقال لأصحابه الذين نزلوا معه: اركبوا، وتوجه بهم منصرفا عنا.
فقال فروة بن لقيط الخارجي - وكان شهد معه مواطنه كلها - قال لنا ليلتئذ، وقد رأى

(1) في الطبري: (قال أبو مخنف، فحدثني أبو يزيد السكسكي قال).
(2) الطبري: (ليجز كل ربع).
(3 - 3) الطبري: (فشد على ربع منا، عليهم عثمان بن سعيد العذري، فضاربهم طويلا، فما زالت قدم الانسان منهم، ثم تركهم وأقبل على الربع الاخر، وقد جعل عليهم سعد بن بجل العامري، فقاتلهم فما زالت قدم إنسان منهم، ثم تركهم وأقبل على الربع الاخر، وعليهم النعمان بن سعد الحميري، فما قدر منهم على شئ. ثم أقبل على الربع الاخر وعليهم ابن أقيصر الخثعمي، فقاتلهم طويلا، فلم يظفر بشئ، ثم أطاف بنا يحمل علينا، حتى ذهب ثلاثة أرباع لليل).
(4) الطبري: (وألز بنا).
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 » »»
الفهرست