شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢١
المسلمين ندعوك إلى أفضل الناس سابقة، وأحسنهم في الاسلام آثارا، وقد اجتمع إليه (1) الناس، وقد أرشدهم الله بالذي رأوا وأتوا، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك، فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل.
فقال له معاوية: كأنك إنما جئت مهددا، ولم تأت مصلحا! هيهات يا عدى! إني لابن حرب! ما يقعقع لي بالشنان (2). أما والله إنك من المجلبين على عثمان، وإنك لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله.
فقال له شبث بن ربعي وزياد بن خصفة، وتنازعا كلاما واحدا: أتيناك فيما يصلحنا وإياك، فأقبلت تضرب لنا الأمثال، دع ما لا ينفع من القول والفعل، وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه.
وتكلم يزيد بن قيس الأرحبي، فقال: إنا لم نأتك إلا لنبلغك ما بعثنا به إليك، ولنؤدي عنك ما سمعنا منك، ولم ندع أن ننصح لك، وأن نذكر ما ظننا أن لنا عليك به حجة، أو أنه راجع بك إلى الألفة والجماعة إن صاحبنا من قد عرفت وعرف المسلمون فضله، ولا أظنه يخفى عليك، إن أهل الدين والفضل لا يعدلونك بعلي، ولا يميلون (3) بينك وبينه، فاتق الله يا معاوية ولا تخالف عليا، فإنا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى، ولا أزهد في الدنيا، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه.
فحمد الله معاوية وأثنى عليه، وقال: أما بعد، فإنكم دعوتم إلى الجماعة والطاعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعما هي! وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها، إن صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا، وآوى ثأرنا وقتلتنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن

(1) صفين: (اجتمع له الناس). الطبري: (استجمع له الناس).
(2) الشنان: جمع شن، وهو القربة الخلق، كانوا يحر كونها للإبل إذا أرادوا حثها على السير، والكلام على التمييل.
(3) التمييل: الترجيح بين الشيئين.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232