المسلمين ندعوك إلى أفضل الناس سابقة، وأحسنهم في الاسلام آثارا، وقد اجتمع إليه (1) الناس، وقد أرشدهم الله بالذي رأوا وأتوا، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك، فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل.
فقال له معاوية: كأنك إنما جئت مهددا، ولم تأت مصلحا! هيهات يا عدى! إني لابن حرب! ما يقعقع لي بالشنان (2). أما والله إنك من المجلبين على عثمان، وإنك لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله.
فقال له شبث بن ربعي وزياد بن خصفة، وتنازعا كلاما واحدا: أتيناك فيما يصلحنا وإياك، فأقبلت تضرب لنا الأمثال، دع ما لا ينفع من القول والفعل، وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه.
وتكلم يزيد بن قيس الأرحبي، فقال: إنا لم نأتك إلا لنبلغك ما بعثنا به إليك، ولنؤدي عنك ما سمعنا منك، ولم ندع أن ننصح لك، وأن نذكر ما ظننا أن لنا عليك به حجة، أو أنه راجع بك إلى الألفة والجماعة إن صاحبنا من قد عرفت وعرف المسلمون فضله، ولا أظنه يخفى عليك، إن أهل الدين والفضل لا يعدلونك بعلي، ولا يميلون (3) بينك وبينه، فاتق الله يا معاوية ولا تخالف عليا، فإنا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى، ولا أزهد في الدنيا، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه.
فحمد الله معاوية وأثنى عليه، وقال: أما بعد، فإنكم دعوتم إلى الجماعة والطاعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعما هي! وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها، إن صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا، وآوى ثأرنا وقتلتنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن