فلو أنى أطعت عصمت قومي * إلى ركن اليمامة أو شمام (1) ولكني متى أبرمت أمرا * منيت بخلف آراء الطغام قال: وارتحل معاوية حتى نزل معسكر علي عليه السلام الذي كان فيه، فدعا علي عليه السلام الأشتر، فقال: ألم تغلبني على رأيي (2) أنت والأشعث! فدونكما. فقال الأشعث:
أنا أكفيك يا أمير المؤمنين، سأداوي ما أفسدت اليوم من ذلك، فجمع كندة فقال لهم: يا معشر كندة، لا تفضحوني اليوم ولا تخزوني، فإني إنما أقارع بكم أهل الشام، فخرجوا معه رجالة يمشون، وبيده رمح له يلقيه على الأرض، ويقول: امشوا قيد رمحي هذا، فيمشون، فلم يزل يقيس لهم الأرض برمحه، ويمشون معه رجالة حتى لقى معاوية وسط بنى سليم واقفا على الماء، وقد جاء أداني عسكره، فاقتتلوا قتالا شديدا على الماء ساعة، وانتهى أوائل أهل العراق فنزلوا، وأقبل الأشتر في خيل من أهل العراق، فحمل على معاوية، والأشعث يحارب في ناحية أخرى، فانحاز معاوية في بنى سليم، فرد وجوه إبله قدر ثلاثة فراسخ، ثم نزل ووضع أهل الشام أثقالهم، والأشعث يهدر ويقول: أرضيتك يا أمير المؤمنين! ثم تمثل بقول طرفة بن العبد:
ففداء لبني سعد على * ما أصاب الناس من خير وشر (3) ما أقلت قدماي إنهم * نعم الساعون في الحي الشطر (4) ولقد كنت عليكم عاتبا * فعقبتم بذنوب غير مر (5)