شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٤
عليهما أن توليا الامر دوننا، ونحن آل الرسول، وأحق بالامر، فغفرنا ذلك لهما، ثم ولى أمر الناس عثمان، فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم، فقالوا لي: بايع، فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع، فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعا (١)، وخلاف معاوية إياي الذي لم يجعل الله له سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الاسلام، طليق ابن طليق، وحزب من الأحزاب، لم يزل لله ولرسوله وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى دخلا في الاسلام كارهين مكرهين، فيا عجبا (٢) لكم، ولإجلابكم معه، وانقيادكم له، وتدعون آل بيت نبيكم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم، ولا تعدلوا بهم أحدا من الناس، إني أدعوكم إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم، وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لنا ولكل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة.
فقال له شرحبيل ومعن بن يزيد: أتشهد أن عثمان قتل مظلوما؟ فقال لهما: إني لا أقول ذلك، قالا: فمن لم يشهد أن عثمان قتل مظلوما، فنحن برآء منه! ثم قاما فانصرفا.
فقال علي عليه السلام: ﴿إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾ (3).
ثم أقبل على أصحابه فقال: لا يكن هؤلاء في ضلالتهم بأولى بالجد منكم في حقكم وطاعة إمامكم. ثم مكث الناس متوادعين إلى انسلاخ المحرم، فلما انسلخ المحرم واستقبل الناس صفرا من سنة سبع وثلاثين، بعث علي عليه السلام نفرا من أصحابه، حتى إذا كانوا

(١) صفين: (قد بايعاني) (٢) صفين: (فعجبنا لكم). وفي الطبري: (فلا غرو إلا خلافكم معه).
(٣) سورة النمل ٨٠، 81.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232