شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٧
كما تزعمون، لم يقتلوا بأيديهم، وإنما أغروا به، وحصروه وأجلبوا عليه، وهجموا على داره، كمحمد بن أبي بكر والأشتر وعمرو بن الحمق وغيرهم، وليس على مثل هؤلاء قود - قال نصر: فقال لهم معاوية: إن كان الامر كما تزعمون، فلم ابتز الامر (1) دوننا على غير مشورة منا ولا ممن هاهنا معنا؟ فقال علي عليه السلام: إن الناس تبع المهاجرين والأنصار، وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب (2) معاوية يحكم بيده على الأمة ويركبهم ويشق عصاهم.
فرجعوا إلى معاوية فأخبروه بذلك، فقال: ليس كما يقول، فما بال من هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الامر ويؤامروا فيه (3)!
فانصرفوا إلى علي عليه السلام، فأخبروه بقوله، فقال: ويحكم! هذا للبدريين دون الصحابة، ليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد قام ورضى، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم.
قال نصر: فتراسلوا بذلك ثلاثة أشهر: ربيع الاخر، وجماديين، وهم مع ذلك يفزعون الفزعة فيما بينهما، فيزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم.
قال: فزعوا في ثلاثة أشهر خمسا وثمانين فزعة، كل فزعة يزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم لا يكون بينهم قتال.
قال نصر: وخرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء، فدخلا على معاوية - وكانا معه - فقالا: يا معاوية، علام تقاتل هذا الرجل؟ فوالله لهو أقدم منك إسلاما (4)، وأحق بهذا

(1) صفين: (فماله ابتز الامر دوننا)؟
(2) ضرب معاوية: شبيهه.
(3) المؤامرة: المشاورة، وفي صفين: (فيؤامروه).
(4) صفين: (سلما)، وهما بمعنى.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232