كما تزعمون، لم يقتلوا بأيديهم، وإنما أغروا به، وحصروه وأجلبوا عليه، وهجموا على داره، كمحمد بن أبي بكر والأشتر وعمرو بن الحمق وغيرهم، وليس على مثل هؤلاء قود - قال نصر: فقال لهم معاوية: إن كان الامر كما تزعمون، فلم ابتز الامر (1) دوننا على غير مشورة منا ولا ممن هاهنا معنا؟ فقال علي عليه السلام: إن الناس تبع المهاجرين والأنصار، وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب (2) معاوية يحكم بيده على الأمة ويركبهم ويشق عصاهم.
فرجعوا إلى معاوية فأخبروه بذلك، فقال: ليس كما يقول، فما بال من هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الامر ويؤامروا فيه (3)!
فانصرفوا إلى علي عليه السلام، فأخبروه بقوله، فقال: ويحكم! هذا للبدريين دون الصحابة، ليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد قام ورضى، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم.
قال نصر: فتراسلوا بذلك ثلاثة أشهر: ربيع الاخر، وجماديين، وهم مع ذلك يفزعون الفزعة فيما بينهما، فيزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم.
قال: فزعوا في ثلاثة أشهر خمسا وثمانين فزعة، كل فزعة يزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم لا يكون بينهم قتال.
قال نصر: وخرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء، فدخلا على معاوية - وكانا معه - فقالا: يا معاوية، علام تقاتل هذا الرجل؟ فوالله لهو أقدم منك إسلاما (4)، وأحق بهذا