قال: وعسكر علي عليه السلام على الماء، وعسكر معاوية فوقه على الماء أيضا، ومشت القراء فيما بين علي عليه السلام ومعاوية، منهم عبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس النخعي، وعبد الله بن عتبة، وعامر بن عبد القيس - وقد كان في بعض تلك السواحل - فانصرف إلى عسكر علي عليه السلام، فدخلوا على معاوية فقالوا: يا معاوية، ما الذي تطلب؟
قال: أطلب بدم عثمان، قالوا: ممن تطلب بدم عثمان؟ قال: أطلبه من على، قالوا: وعلى قتله؟ قال: نعم هو قتله، وآوى قتلته، فانصرفوا من عنده فدخلوا على علي عليه السلام، فقالوا: إن معاوية يزعم أنك قتلت عثمان، قال: اللهم لكذب فيما قال، لم أقتله.
فرجعوا إلى معاوية فأخبروه، فقال لهم: إنه إن لم يكن قتله بيده فقد أمر ومالا، فرجعوا إلى علي فقالوا: إن معاوية يزعم أنك إن لم تكن قلت بيدك، فقد أمرت ومالأت على قتل عثمان، فقال: اللهم لكذب فيما قال، فرجعوا إلى معاوية، فقالوا: إن عليا يزعم أنه لم يفعل، فقال معاوية: إن كان صادقا فليقدنا (1) من قتلة عثمان، فإنهم في عسكره وجنده وأصحابه وعضده. فرجعوا إلى علي عليه السلام، فقالوا: إن معاوية يقول لك: إن كنت صادقا فادفع إلينا قتلة عثمان أو مكنا منهم، فقال لهم: إن القوم تأولوا عليه القرآن، ووقعت الفرقة، فقتلوه في سلطانه، وليس على ضربهم قود، فخصم (2) على معاوية.
* * * - قلت: على ضربهم هاهنا، على مثلهم، يقال: زيد ضرب عمرو ومن ضربه، أي مثله ومن صنفه، ولا أدرى لم عدل عليه السلام عن الحجة بما هو أوضح من هذا الكلام، وهو أن يقول: إن الذين باشروا قتله بأيديهم كانوا اثنين وهما قتيرة بن وهب وسودان بن حمران، وكلاهما قتل يوم الدار، قتلهما عبيد عثمان، والباقون الذين هم جندي وعضدي