الامر، وأقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله، فعلام تقاتله؟ فقال: أقاتله على دم عثمان، وأنه آوى قتلته، فقولوا له: فليقدنا من قتلته وأنا أول من بايعه من أهل الشام.
فانطلقوا إلى علي عليه السلام فأخبروه بقول معاوية، فقال: إنما يطلب الذين ترون، فخرج عشرون ألفا أو أكثر متسربلين الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق، فقالوا: كلنا قتله، فإن شاءوا فليروموا ذلك منا. فرجع أبو أمامة وأبو الدرداء فلم يشهدا شيئا من القتال.
قال نصر: حتى إذا كان رجب، وخشي معاوية أن يتابع القراء عليا عليه السلام، أخذ في المكر، وأخذ يحتال للقراء لكيما يحجموا ويكفوا حتى ينظروا.
قال: فكتب في سهم: من عبد الله الناصح، إني أخبركم أن معاوية يريد أن يفجر عليكم الفرات فيغرقكم، فخذوا حذركم. ثم رمى بالسهم في عسكر علي عليه السلام، فوقع السهم في يد رجل فقرأه ثم أقرأه صاحبه، فلما قرأه وقرأته الناس وأقرأه من أقبل وأدبر، قالوا: هذا أخ لنا ناصح، كتب إليكم يخبركم بما أراد معاوية، فلم يزل السهم يقرأ ويرتفع حتى رفع إلى علي عليه السلام، وقد بعث معاوية مائتي رجل من العملة إلى عاقول (1) من النهر، بأيديهم المرور والزبل (2) يحفرون فيها بحيال عسكر علي عليه السلام. فقال علي عليه السلام: ويحكم! إن الذي يعالج معاوية لا يستقيم له، ولا يقوى عليه، إنما يريد أن يزيلكم عن مكانكم، فانتهوا عن ذلك فقالوا له: لا ندعهم والله يحفرون، فقال علي عليه السلام:
لا تكونوا ضعفي، ويحكم! لا تغلبوني على رأيي. فقالوا: والله لنرتحلن، فإن شئت فارتحل، وإن شئت فأقم، فارتحلوا وصعدوا بعسكرهم مليا، وارتحل علي عليه السلام في أخريات الناس، وهو يقول: