شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٨
الامر، وأقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله، فعلام تقاتله؟ فقال: أقاتله على دم عثمان، وأنه آوى قتلته، فقولوا له: فليقدنا من قتلته وأنا أول من بايعه من أهل الشام.
فانطلقوا إلى علي عليه السلام فأخبروه بقول معاوية، فقال: إنما يطلب الذين ترون، فخرج عشرون ألفا أو أكثر متسربلين الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق، فقالوا: كلنا قتله، فإن شاءوا فليروموا ذلك منا. فرجع أبو أمامة وأبو الدرداء فلم يشهدا شيئا من القتال.
قال نصر: حتى إذا كان رجب، وخشي معاوية أن يتابع القراء عليا عليه السلام، أخذ في المكر، وأخذ يحتال للقراء لكيما يحجموا ويكفوا حتى ينظروا.
قال: فكتب في سهم: من عبد الله الناصح، إني أخبركم أن معاوية يريد أن يفجر عليكم الفرات فيغرقكم، فخذوا حذركم. ثم رمى بالسهم في عسكر علي عليه السلام، فوقع السهم في يد رجل فقرأه ثم أقرأه صاحبه، فلما قرأه وقرأته الناس وأقرأه من أقبل وأدبر، قالوا: هذا أخ لنا ناصح، كتب إليكم يخبركم بما أراد معاوية، فلم يزل السهم يقرأ ويرتفع حتى رفع إلى علي عليه السلام، وقد بعث معاوية مائتي رجل من العملة إلى عاقول (1) من النهر، بأيديهم المرور والزبل (2) يحفرون فيها بحيال عسكر علي عليه السلام. فقال علي عليه السلام: ويحكم! إن الذي يعالج معاوية لا يستقيم له، ولا يقوى عليه، إنما يريد أن يزيلكم عن مكانكم، فانتهوا عن ذلك فقالوا له: لا ندعهم والله يحفرون، فقال علي عليه السلام:
لا تكونوا ضعفي، ويحكم! لا تغلبوني على رأيي. فقالوا: والله لنرتحلن، فإن شئت فارتحل، وإن شئت فأقم، فارتحلوا وصعدوا بعسكرهم مليا، وارتحل علي عليه السلام في أخريات الناس، وهو يقول:

(1) عاقول النهر: ما أعوج منه (2) المرور: جمع مر، وهو المسحاة. والزبل: جمع زبيل وهو القفة.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232