وأولهم عبد الرحمن بن عديس البلوى، فبايعوا. وقال له عبد الرحمن:
خذها إليك واعلمن أبا حسن * أنا نمر الامر إمرار الرسن وقد ذكرنا نحن في شرح الفصل (1) الذي فيه أن الزبير أقر بالبيعة، وادعى الوليجة أن بيعة أمير المؤمنين لم تقع إلا عن رضا جميع أهل المدينة، أولهم طلحة والزبير، وذكرنا في ذلك ما يبطل رواية الزبير.
وذكر أبو مخنف في كتاب،، الجمل،، أن الأنصار والمهاجرين اجتمعوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، لينظروا من يولونه أمرهم، حتى غص المسجد بأهله، فاتفق رأى عمار وأبى الهيثم بن التيهان ورفاعة بن رافع ومالك بن عجلان وأبى أيوب خالد بن يزيد على إقعاد أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة، وكان أشدهم تهالكا عليه عمار، فقال لهم:
أيها الأنصار، قد سار فيكم عثمان بالأمس بما رأيتموه، وأنتم على شرف من الوقوع في مثله إن لم تنظروا لأنفسكم، وإن عليا أولى الناس بهذا الامر، لفضله وسابقته، فقالوا: رضينا به حينئذ، وقالوا بأجمعهم لبقية الناس من الأنصار والمهاجرين: أيها الناس، إنا لن نألوكم خيرا وأنفسنا إن شاء الله، وإن عليا من قد علمتم، وما نعرف مكان أحد أحمل لهذا الامر منه، ولا أولى به. فقال الناس بأجمعهم: قد رضينا، وهو عندنا ما ذكرتم وأفضل.
وقاموا كلهم، فأتوا عليا عليه السلام، فاستخرجوه من داره، وسألوه بسط يده، فقبضها فتداكوا عليه تداك الإبل الهيم على وردها، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا، فلما رأى منهم ما رأى، سألهم أن تكون بيعته في المسجد ظاهرة للناس. وقال: إن كرهني رجل واحد من الناس لم أدخل في هذا الامر.
فنهض الناس معه حتى دخل المسجد، فكان أول من بايعه طلحة. فقال قبيصة بن ذؤيب الأسدي: تخوفت ألا يتم له أمره، لان أول يد بايعته شلاء، ثم بايعه الزبير،