شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٨٦
حسين السفيه! أما ترى عليك لوال حقا ولا طاعة! فقال زيد: اسكت أيها القحطاني، فإنا لا نجيب مثلك، فقال الأنصاري: ولم ترغب عنى! فوالله إني لخير منك، وأبى خير من أبيك، وأمي خير من أمك! فتضاحك زيد، وقال: يا معشر قريش، هذا الدين قد ذهب، أفذهبت الأحساب! فتكلم عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقال: كذبت أيها القحطاني، والله لهو خير منك نفسا وأبا وأما ومحتدا، وتناوله بكلام كثير، وأخذ كفا من الحصا، فضرب به الأرض، وقال: إنه والله ما لنا على هذا من صبر، وقام.
فقام زيد أيضا، وشخص من فوره إلى هشام بن عبد الملك، فجعل هشام لا يأذن له وزيد يرفع إليه القصص، وكلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها: ارجع إلى أرضك، فيقول زيد: والله لا أرجع إلى ابن الحارث أبدا. ثم أذن له بعد حبس طويل وهشام في علية له، فرقى زيد إليها، وقد أمر هشام خادما له أن يتبعه حيث لا يراه زيد، ويسمع ما يقول. فصعد زيد - وكان بادنا - فوقف في بعض الدرجة، فسمعه الخادم، وهو يقول: ما أحب الحياة إلا من ذل! فأخبر الخادم هشاما بذلك، فلما قعد زيد بين يدي هشام وحدثه حلف له على شئ، فقال هشام: لا أصدقك، فقال زيد: إن الله لا يرفع أحدا عن أن يرضى بالله، ولم يضع أحدا عن أن يرضى بذلك منه. قال له هشام: إنه بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها، ولست هناك! لأنك ابن أمة، فقال زيد: إن لك جوابا، قال: تكلم، قال: إنه ليس أحد أولى بالله، ولا أرفع درجة عنده من نبي ابتعثه، وهو إسماعيل بن إبراهيم، وهو ابن أمة، قد اختاره الله لنبوته، وأخرج منه خير البشر، فقال هشام: فما يصنع أخوك البقرة! فغضب زيد، حتى كاد يخرج من إهابه، ثم قال: سماه رسول الله صلى الله عليه وآله الباقر وتسميه أنت البقرة! لشد ما اختلفتما!
لتخالفنه في الآخرة، كما خالفته في الدنيا، فيرد الجنة، وترد النار.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335