وعانقته، فوجدت مس الدرع، فقالت: ما هذا صنع من يريد ما تريد. فقال: إنما لبسته لأشد منك، قالت: إنه لا يشد منى، ثم انصرف عنها، وهو يقول:
إني إذا أعرف يومى أصبر * إذ بعضهم يعرف ثم ينكر وأقام أهل الشام على كل باب من أبواب الحرم (1) رجالا وقائدا، فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب جمع، ولأهل قنسرين باب بنى سهم. وخرج ابن الزبير فمرة يحمل هاهنا ومرة يحمل هاهنا، وكأنه أسد لا يقدم عليه الرجال، وأرسلت إليه زوجته:
أأخرج فأقاتل معك؟ فقال: لا، وأنشد:
كتب القتل والقتال علينا * وعلى المحصنات جر الذيول (2) فلما كان الليل، قام يصلى إلى قريب السحر ثم أغفى محتبيا بحمائل سيفه، ثم قام فتوضأ وصلى، وقرأ (ن والقلم وما يسطرون)، ثم قال بعد انقضاء صلاته: من كان عنى سائلا فإني في الرعيل الأول، ثم أنشد:
ولست بمبتاع الحياة بسبة * ولا مرتق من خشية الموت سلما (3) ثم حمل حتى بلغ الحجون، فرمى بأجرة، فأصابت وجهه فدمي، فلما وجد سخونة الدم يسيل على وجهه، أنشد:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا * ولكن على أقدامنا تقطر الدما (3) ثم حمل على أهل الشام فغاص فيهم، واعتوروه بأسيافهم حتى سقط، وجاء الحجاج