شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
الناس، وإن شريحا لا يرى بي عليه طاعة ولا حقا، وذلك من فعله بي استخفاف بأمرك، وترك لعهدك، والسلام.
وكتب شريح بن هاني إلى علي عليه السلام:
لعبد الله على أمير المؤمنين من شريح بن هاني، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك، ووليته جندا من جنودك، طغى واستكبر، ومال به العجب والخيلاء والزهو إلى ما لا يرضى الله تعالى به من القول والفعل، فإن رأى أمير المؤمنين عليه السلام أن يعزله عنا ويبعث مكانه من يحب فليفعل، فإنا له كارهون، والسلام.
فكتب علي عليه السلام إليهما:
من عبد الله على (1) أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ. سلام عليكما، فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإني قد وليت مقدمتي زياد ابن النضر، وأمرته عليها، وشريح بن هاني على طائفة منها أمير، فإن انتهى جمعكما إلى بأس، فزياد بن النضر على الناس كلهم، وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها. واعلما أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم، فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع، ومن نفض الشعاب (2) والشجر والخمر (3) في كل جانب، كي لا يغتركما عدو، أو يكون لهم كمين. ولا تسيرن الكتائب والقبائل من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة، فإن دهمكم عدو أو غشيكم مكروه، كنتم قد تقدمتم في التعبئة، فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الاشراف أو سفاح (4)

(1) صفين: (بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله...).
(2) يقال: نفض المكان ينفضه، إذا نظر جميع ما فيه حتى يعلم منه، ومنه قول زهير:
وتنفض عنها غيب كل خميلة وتخشى رماة الغوث من كل مرصد والشعاب: جمع شعبة، وهي ما انشعب وتفرع من الوادي.
(3) الخمر: ما وارى الانسان من شجر ونحوه.
(4) الاشراف: جمع شرف، وهي الأماكن العالية. وسفاح الجبال: أسافلها.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست